وحجاب يمنع القلب والبصيرة من أن ترى أو تسمع (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ)؟؟ .. قال الكشاف : ووجه إسناد الفعل إلى ذاته وهو قوله (جَعَلْنا) للدلالة على أنه أمر ثابت فيهم لا يزول عنهم كأنهم مجبولون عليه.
وهم يقولون إن للبدن حواسه التي بها يحس كالأذن والعين وحاسة الشم وحاسة اللمس والذوق ، وللروح حواسه كذلك الباطنية وموضعها القلب وهي المعبر عنها بالبصائر (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦].
فحين ينفى القرآن عنهم حواس السمع والبصر والفؤاد إنما يقصد الحواس الروحية حواس البصيرة القلبية ، وعند ذلك يفهم السر في إعراضهم وكفرهم إذ الحواس معطلة وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده جمحوا ونفروا نفورا ناشئا من أن عقلهم قاصر عن إدراك غير المحسوس المشاهد ، وعقولهم غير مستعدة لإدراك السر الإلهى الأعظم مجردا عن المادة.
نحن أعلم يا محمد بما يستمعون به ، وبهم حين يستمعون إليك ، وسنجازيهم على استهزائهم وكفرهم وقت سماع القرآن إن ربك عليم بما في الصدور. وربك أعلم بما يتناجون به في خلواتهم ، والشيطان معهم إذ يقول هؤلاء الظالمون الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم ، إن تتبعون إلا رجلا قد سحر فاختلط عقله ، وزال اعتداله وطاش حكمه.
انظر يا من يتأتى منك النظر كيف ضربوا لك يا محمد الأمثال؟ فقالوا كاهن ، ساحر ، وشاعر ، ومجنون ، فهم قد ضلوا في جميع ذلك عن سواء السبيل فلا يستطيعون طريقا إلى الهدى والحق.
شبهتهم في البعث والرد عليهم
(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ