وإذا مس الإنسان الضر من ألم أو خطر أو شدة ، دعانا واتجه إلينا مضطجعا لجنبه أو قاعدا أو قائما ، دعانا ملحا في كشفه عنه ، ومن هنا يعلم أن استعجال الكفار للشر من طغيانهم فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه.
مثل ذلك الذي عرفت من اتجاه إلى الله في الشدة وتركه في الرخاء زين للمسرفين ما كانوا يعلمونه.
وهكذا الإنسان يستعجل الشر ، ولا يلجأ إلى الله إلا في الشدة والضر إن الإنسان كان ظلوما جهولا (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر الآية ٣].
هكذا الإنسان وتلك سنة الله في الأمم ، ولن تجد لسنته تبديلا فاعتبروا يا أولى الأبصار ، وانظروا يا أهل مكة ، ماذا أنتم فاعلون؟!! تالله لقد أهلكنا الأمم التي مضت من قبلكم يا كفار مكة ، وكانوا أكثر منكم قوة لما ظلموا أنفسهم بالبغي والطغيان ، وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات التي تكشف لهم عن حقيقة الدنيا ، والتي تناديهم بوجوب اتباع الرسل الكرام ، وما كانوا ليؤمنوا لأن نفوسهم مرنت على الظلم والكفر ، واطمأنوا إلى الدنيا ، ومالوا إليها فصارت أعمالهم كلها فسقا وظلما وجورا ، ومن كان كذلك لا يتصور منه إيمان ، مثل ذلك الجزاء على الظلم من الإهلاك وإنزال عذاب الاستئصال ، أو ضياع الأمة بالضعف والانحلال نجزى القوم المجرمين ، وهكذا سنة الله في الخلق فاعتبروا يا أهل مكة ثم جعلناكم يا أمة محمد ـ أمة الدعوة ـ خلفاء لمن تقدمكم ، وأرسلنا لكم محمدا خاتم النبيين لننظر كيف تعملون؟ وسنجازيكم على أعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ..
من أوهام المشركين والرد عليهم
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي