خاتمة السورة
(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣))
وهذا ختام للسورة ، وإنه لختام رائع لا يصدر إلا من الحكيم العليم الذي أنزل هذا الكتاب المحكم الآيات ، المتشابه المقاطع والحلقات ، تقشعر منه قلوب الذين يتلونه بخشوع ، وخضوع ، وتخضع لقوته وأحكامه جباه البلغاء والحكماء ، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا.
فبعد أن بين أن القرآن ينزل على النبي من لدن حكيم عليم ، وساق قصصا لإخواته الأنبياء في عصور مختلفة ليكون عبرة وعظة ، وحجة وبرهانا ، وتعرض بعد ذلك لأمر التوحيد مناقشا الكفار والمشركين ، مبينا آثار فضل الله ونعمه التي تنطق بوحدانيته وقدرته وعلمه ، ثم تعرض للبعث ، وما في يوم القيامة من أهوال وأحوال ختم هذا كله بما يفيد أن الواجب عليه عبادة الله حقا وتلاوة القرآن ، وبعد ذلك فالأمر لله.
فقال في النهاية : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة ـ مكة ـ الذي حرمها ربها ، وعظّم الله حرمتها ، وجعلها حرما آمنا ، لا يسفك فيها دم ، ولا يظلم فيها أحد ولا يصاد فيها صيد ، ولا يعضد فيها شجر ، ولا يخوف فيها خائف ، بل هي الحرم الآمن تجنى إليه ثمرات الدنيا في كل ناحية ، ولله كل شيء ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا وليس علىّ إلا البلاغ والإيمان الخالص ، وعلى الله وحده الحساب ، وله الأمر من قبل ومن بعد.