أن بين أن فضل الله عظيم ، أنه قليل من عباده الشكور (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) أردف ما يفيد أنه عالم بكل شيء في الكون ، وأنه محيط بكل ما يعملون ليحاسب الناس أنفسهم على تقصيرهم في شكرهم له.
المعنى :
وما تكون أيها الرسول في شأن من شئونك الخاصة بك أو العامة التي تدعو فيها إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وما تتلو من أجل ذلك الشأن من قرآن ينزل عليك.
وانظر إلى التعبير عن العمل بالشأن حين خطابه صلىاللهعليهوسلم فإن في ذلك إشارة إلى أن أعماله كلها عظيمة وخطيرة حتى العادي منها إذ هو قدوة حسنة لغيره ، ولقد خاطب الأمة بعد خطاب النبي وهو سيدها في أخص شئونه وأعلاها فقال : (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) صغير أو كبير (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) فيه ومطلعين وسنجازيكم عليه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) إذ تفيضون فيه ، وتندفعون بسرعة وخفة ، وما يعزب عن ربك ـ جل شأنه ـ ولا يبعد عن علمه أقل شيء يبلغ وزنه ثقل ذرة «الذرة كالغبار الذي لا يرى إلا في ضوء الشمس من النافذة» في الأرض ، ولا في السماء ، ولا شيء أصغر من الذرة ولا شيء أكبر منها إلا وهو معلوم ومحصى في كتاب مرقوم عظيم الشأن تام البيان.
وهل هناك ما هو أصغر من الذرات؟ نعم أثبت العلم الحديث مبدأ تحطيم الذرة وتقسيمها إلى ذرات ولقد صدق الله (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ* وَما لا تُبْصِرُونَ) (٢) نعم. ولقد أرتنا آلات الكشف الحديثة «كالمكرسكوب» دقائق في الكون ما كنا نعرفها قبل ذلك ، فسبحان الذي يعلم ما في البر والبحر وما في الأرض والسماء!!
من هم أولياء الله
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى
__________________
(١) سورة الزلزلة الآيتان ٧ و ٨.
(٢) سورة الحاقة الآيتان ٣٨ و ٣٩.