كبعض قبائل اليمن ، ودخل آخرون في النصرانية كالغساسنة والتغلبيين ، وكان بنجران بقايا من أهل دين عيسى ـ عليهالسلام ـ وتهود قوم من الأوس والخزرج لمجاورتهم خيبر وقريظة والنضير ، ومنهم من كان يميل إلى الصابئة ، ويقول : مطرنا بنوء كذا ، ومن أنكر الخالق والبعث وقالوا : إن هي إلا حياتنا الدنيا ، وما يهلكنا إلا الدهر ، ومنهم قوم ـ ويظهر أنهم الأكثرية ـ اعترفوا بالخالق (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (١) وأنكروا البعث ، وعبدوا الأصنام وهي لا تنفع ولا تضر إذ هي حجارة أو أجسام مصنوعة ، وقالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٢). وعبادتهم كانت بتقديسهم لها والذبح عندها ، واختصاصها بأنواع من الحيوان (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [سورة الأنعام آية ١٣٦].
وكانوا يعبدون الأصنام بتعظيم هياكلها ، والإهلال عند الذبح لها ، وبدعائها والاستعانة بها قائلين : هؤلاء شفعاؤنا عند الله يقربوننا إليه زلفى ، روى أن النضر بن الحارث قال : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى.
قل لهم : منكرا عليهم ذلك أتخبرون الله بما لا يعلم في السموات والأرض؟ ونفى العلم دليل على عدم وجود هؤلاء الشفعاء والشركاء لله ـ سبحانه وتعالى ـ عما يشركون!!
هكذا فطر الله الناس
(وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩))
المعنى :
وما كان الناس في كل زمن إلا أمة واحدة تسير على هدى الفطرة وتأتيهم
__________________
(١) سورة الزخرف آية ٩.
(٢) سورة الزمر آية ٣.