الاستعاذة بالله ليمنع منه الخطر. وقيل هم الملائكة تقول للكفار : حراما محرما أن تبشروا بخير كما يبشّر المؤمنون (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (١) فللمؤمن من الملائكة التحية والبشارة والتثبيت ، وللكفار الإنذار والإيلام والإضلال وسوء المصير.
هؤلاء الكفار كانوا يعملون بعض البر من صدقة وإكرام ، وفك أسير وخدمة البيت والحجيج ، وكانوا يعتزون بذلك ، ويعلقون عليه آمالا كبارا فقال الله لهم : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) فيه خير (فَجَعَلْناهُ) لا خير فيه ، ولا جزاء له ، بل صار كالهباء المبثوث (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (٢) ولا تعجب من هذا فهم قوم لم يؤمنوا بالله ، ولم يقدروه حق قدره ، وقاسوه بالأصنام والأوثان ، وعبدوا معه غيره ، وجعلوا له ولدا أو شريكا أو شبهوه ببعض خلقه فأولى بهؤلاء أن يثيبهم على عملهم آلهتهم!!
أما المؤمنون بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد من رسله فأولئك هم أصحاب الجنة الفائزون ، وهم ـ يومئذ يتلظى الكفار بنار جهنم ـ خير مستقرا ، وأحسن مقيلا (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ* هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) [سورة يس الآيات ٥٥ ـ ٥٧].
وفي الحديث «إن الله ـ تبارك وتعالى ـ يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار» وهذا معنى أحسن مقيلا ...
من مشاهد يوم القيامة
(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ
__________________
(١) سورة ابراهيم الآية ٣٧.
(٢) سورة ابراهيم الآية ١٧.