هو الذي يمكنكم من السير والانتقال بما أودع فيكم من القدرة على ذلك وبما أعطاكم من دابة أو مركب كالسيارة ، والقطار ، والسفينة تجرى في البحر.
حتى إذا كنتم في الفلك (السفينة) وجرت بكم في البحر بسبب ريح طيبة مواتية لهم في جهة السير وفرحوا بها جاءتها ريح شديدة قوية ، ولاقتها ريح تعصف بالأشياء وتكسرها وجاءهم الموج من كل مكان ، والمراد اضطراب البحر وأنه أرغى وأزبد ، وظنوا أى : اعتقدوا أنهم مغرقون وهالكون بإحاطة الموج بهم كإحاطة العدو اللدود.
إذا كان هذا دعوا الله والتجئوا إليه مخلصين له في الدعاء والعبادة ، ولم يتوجهوا إلى آلهتهم وأوثانهم التي يشركون بها ، وذلك طبع الإنسان (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) الآية ١٢ من هذه السورة.
ماذا قالوا في دعائهم؟ قالوا : لئن أنجيتنا يا رب من هذه لنكونن من الشاكرين ، ولا نكفر ولا نشرك بك شيئا لا ينفع ولا يضر ، فلما نجاهم مما هم فيه أسرعوا بالمفاجأة يبغون في الأرض كلها بغير الحق ، يظلمون ويعبثون في الأرض الفساد ، وبغيهم بغير حق قطعا ، ولعل السر في تقيده بهذا أنهم يفعلونه معتقدين أنه بغير حق.
يا أيها الناس : انتبهوا إنما بغيكم وجزاؤه على أنفسكم في الدنيا ، وأنتم تتمتعون به متاعا زائلا لا أساس له إذ هو في الحياة الدنيا. وأما نتيجة البغي في الآخرة فالله يقول : إلينا مرجعكم يوم القيامة يوم الفصل والجزاء فيجازيكم عليه الجزاء الأوفى بسبب ما كنتم تعملون.
المثل البليغ للحياة الدنيا
(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها