قال ابن عباس : لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات وتبين له أنه عدو لله وأنه من أصحاب الجحيم تبرأ منه ومن قرابته وترك الاستغفار له كما هو مقتضى الإيمان.
إن إبراهيم لأواه كثير التأوه والتحسر ، والخشوع ، والدعاء لله ، حليم لا يستفزه غضب ولا جهل ولا طيش به هو صبور عطوف صفوح ، وهذا تذيل يفيد اتصاف إبراهيم بما ذكر ، وأنه يأتسى به في ذلك.
لما نزل المنع من الاستغفار خاف المؤمنون من المؤاخذة بما صدر عنهم قبل البيان وقد مات جماعة منهم قبل النهى فأنزل الله (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً ..) الآية. وما كان الله ليقضى على قوم بالضلال ويحكم عليهم بذلك. بعد إذ هداهم ووفقهم للإيمان الكامل بمجرد قول أو عمل صدر عنهم خطأ في الاجتهاد حتى يتبين لهم ما يتقون الله به بيانا شافيا واضحا ، إن الله بكل شيء عليم ، فالله لا يؤاخذهم إلا بعد أن يبين لهم شريعته ويوقفهم على حكمه.
واعلموا أن الله له ملك السموات والأرض بيده الأمر كله ، يحيى يميت. لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. فلا تهمنكم القرابة والصلة ولا تخشوا إلا الله ، وما لكم ولى ولا نصير من غيره ـ سبحانه وتعالى ـ.
التوبة وشروطها ، والصدق وفضله
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ