نوح وقومه
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥))
المفردات :
(الطُّوفانُ) ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة من سيل أو موت أو ظلام ليل.
وهذه قصة نوح ـ عليهالسلام ـ أطول الأنبياء عمرا ، دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، ومع هذا فلم يؤمن معه إلا قليل ، وقد سيقت تسلية وعبرة لمن يعتبر ، وقد ذكر بعدها قصص بعض الأنبياء لهذا الغرض.
المعنى :
ولقد أرسلنا نوحا ـ وقد ورد أنه أول نبي أرسل ـ إلى قومه وكانوا أهل كفر وفسق وعصيان فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ويذكرهم بيوم القيامة ، ولكنهم كانوا يردون عليه أسوأ رد وأفحشه ، وقد بذل نوح منتهى ما في وسعه كبشر ، وطال الزمن وهو يدعوهم أن يقلعوا عن عبادة الأصنام فلم يزدهم دعاؤه إلا إعراضا واستكبارا ، وقال نوح : رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ، ومكروا مكرا كبارا ، وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، فقال لما ضاق به الأمر : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا.
وكان أن صنع السفينة وركبها هو والمؤمنون وترك الكفار فغرقوا جميعا ، وأخذهم الطوفان وهم ظالمون ، ونجاه الله هو ومن معه في الفلك المشحون ، وجعل ربك سفينة نوح آية وعبرة للعالمين ، فهل من مدكر؟!!.