وأخفى ، وليعلمن الله الذين آمنوا بقلوبهم وألسنتهم ، وليعلمن المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، الثابتين على النفاق الدائمين على المكر والخداع ، وسيجازيهم على ذلك كله (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (١).
وانظر إلى مدى فتنة الكفار ، وإغراء المسلمين على ترك دينهم!!! وصحائف التاريخ مملوءة بأخبار المعذبين من الصحابة ، وأخبار العتاة المجرمين من زعماء الكفر ، وليتهم وقفوا عند حد الإغراء بالعذاب والتنكيل بالإيذاء البدني بل لما رأوا أنهم لم يفلحوا في ذلك ، وثبت المسلمون ، أو فروا بدينهم إلى الحبشة ، ثم إلى المدينة.
ولما رأوا أن فتنتهم المادية لم تؤت ثمرها أخذوا يفتنونهم بالحيلة والإغراء بكافة الطرق. انظر إليهم وهم يقولون.
وقال الذين كفروا للذين آمنوا : اتبعوا سبيلنا ، وارجعوا إلى ديننا ، ونحن نتحمل عنكم خطاياكم إن كان هناك حساب أو جزاء.
ولقد ثبت أن صناديد قريش كانوا يقولون لمن آمن منهم لا نبعث ولا أنتم ، فإن كان ذلك فإننا نتحمل عنكم الإثم ، وما هم بحاملين من ذنوبهم وآثامهم شيئا ، إذ كل امرئ بما كسب رهين ؛ إن هؤلاء الزعماء لكاذبون في هذا القول ، وليحملن أثقال أنفسهم وأوزارها ، وأثقالا أخر غير الخطايا التي ضمنوا حملها للمؤمنين ، وهي أثقال وأوزار الذين كانوا سببا في ضلالهم «من سنّ في الإسلام سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا» حديث شريف.
وقال تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٢).
وليسألن يوم القيامة سؤال تقريع وتوبيخ عما كانوا يفترون ويختلقون من أكاذيب وأباطيل.
__________________
(١) سورة النساء الآية ١٤٥.
(٢) سورة النحل الآية ٢٥.