(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) وقد مضى بحث في لعل عند قوله ـ تعالى ـ في سورة هود (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) والمعنى : فلعلك قاتلها ومهلكها لأنهم لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا عليهم وحزنا شديدا على شركهم وتوليهم عنك. وفي الكشاف : شبهه وإياهم ـ حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به ، وما تداخله من الوجد ، والأسف على توليهم ـ برجل فارقته أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجدا عليهم وتلهفا على فراقهم.
إنا جعلنا ما على الأرض من حيوان ونبات وجماد زينة لها والله جعل كل ما عليها زينة لها ، ومصلحة لنا (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ، وجعل هذا ليبلوكم فيظهر من هو أحسن عملا ممن هو أسوأ عملا ، والمراد أن الله يعاملهم معاملة من يختبرهم ليعرف حالهم ، والله ـ سبحانه ـ بعد هذا جاعل ما عليها من هذه الزينة ترابا لا نبات فيه ولا حياة ، إذ هو القادر على كل شيء يحيى الأرض بعد موتها ، ويميتها بعد حياتها.
قصة أهل الكهف
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا