دليل على أن أمر الله ـ سبحانه ـ لا يستلزم موافقة إرادته فإنه يأمر الكل بالإيمان ، ولا يريد الهداية إلا للبعض ، وهذا رد لحجتهم وتفنيد لكلامهم ، ثم قال : فسيروا في الأرض. وانظروا كيف كان عقاب المكذبين ، ودعوكم من هذه الحجج الواهية ، والمناقشة الباطلة.
ثم خصص الخطاب برسوله صلىاللهعليهوسلم ليؤكد ما تقدم بقوله :
إن تحرص على هدايتهم وتطلبها فليس يجدي ذلك شيئا فإن وراء الهداية والطلب باللسان توفيق الله وإلهامه ، والله ـ سبحانه ـ لا يهدى ولا يوافق الضالين المكذبين الذين ختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.
انظر إليهم متعجبا وقد أقسموا بالله ، وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت.
بل يبعث من يموت ، ويعد ذلك وعدا عليه حقا ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
يبعث الله الخلق ليبين لهم الذي يختلفون فيه من أمر البعث ، وليظهر لهم أنه حق (أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا) [الأعراف ٤٤] ، وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين.
وما لكم لا تؤمنون بالعبث؟ وتقولون من يحيى العظام وهي رميم؟ وما علمتم أن كل شيء في الكون خاضع له سبحانه ، وإذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة النحل آية ٤٠].
جزاء المؤمنين وتهديد الكافرين
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ