النار بعد ما وصفهم خارج النار ؛ روى عن عبد الله بن عمر قال : إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج ـ الحديدة التي في أسفل الرمح ـ على الرمح ، أما الجنة فعرضها السموات والأرض ؛ ولا شك أن الضيق شيء مؤلم للنفس ؛ وهم مع ذلك مصفدون في الأغلال والسلاسل. يسحبون على وجوههم في النار ؛ فإذا ألقوا فيها بهذا الوضع دعوا هناك قائلين : ووا ثبوراه! فقيل لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ، ولكن ادعوا ثبورا كثيرا ؛ فما وقعتم فيه ليس يكفيه ثبور واحد بل ثبور كثير ، إما لأن العذاب أنواع وألوان كل نوع منه ثبور ، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها فلا غاية لثبورهم وهلاكهم. بعد أن وصف النار بما وصف مما يفتت الأكباد ، ويقطع القلوب حسرة وندامة على أصحابها أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يقول : قل لهم : أذلك خير أم جنة الخلد؟ وأى خير في النار؟ ولكنه استهزاء بهم ، وسير على طريقتهم الضالة التي يرون فيها أن للنار خيرا حيث لم يعملوا للجنة وثوابها ؛ تلك الجنة التي وعد المتقون أن يدخلوها ويتمتعوا بها وكانت لهم جزاء ومصيرا ؛ ونعم الثواب وحسنت مرتفقا ، لهم فيها ما يشاءون ، وما تشتهيه نفوسهم ، وتلذه أعينهم ، وترنو إليه أبصارهم ، وهم فيها خالدون ، ورضوان من الله أكبر من كل ذلك ، وكان ذلك وعدا كتبه على نفسه ، وتفضل به على خلقه المؤمنين ، وقد سأله الناس فقالوا : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران ١٩٤] (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) [البقرة ٢٠١].
من مشاهد يوم القيامة
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا