وفي هذا إشارة إلى قوة عذاب ربك وشدته (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١) وإن الإنسان المسكين لفي خسر وخسارة إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وأنه سيعرف الحق يوم يرى الجزاء الحق يوم القيامة ، وسيندم حين لا ينفعه ندم (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [سورة النبأ آية ٤٠].
عدل السماء
(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧))
المفردات :
(الْقِسْطَ) العدل (مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) مثقال الحبة وزنها ، وحبة الخردل مثل في الصغر.
المعنى :
لا غرابة في عذاب هؤلاء المشركين والتشديد عليهم ، والتنكيل بهم فالله حكم بذلك ، وحكمه العدل ، وهو صاحب الميزان القسط ، وهو الذي يقول : ونضع الموازين العادلة يوم القيامة ، وهل هناك موازين حقيقية توزن بها الأعمال بعد تجسيمها؟ أو هي موازين توزن بها الأمور المعنوية كما توزن بموازيننا الأمور الحسية؟ وأظن بعد اختراع موازين للضغط وللحرارة ، وللحركة وغيرها من الأمور العارضة لا تستبعد من الله القوى القادر أن تكون هناك موازين لوزن العمل والإخلاص فيه لا تخطئ أبدا ، وقال بعضهم : إن هذا كناية عن عدل الله المطلق الذي يعطى كل ذي حق حقه مهما كان والله أعلم بكتابه.
فلا تظلم نفس شيئا أبدا أى : فلا ينقص من إحسان محسن ، ولا يزاد في إساءة
__________________
(١) سورة البروج الآية ١٢.