المعنى :
ذلك من علامات يوم القيامة ، العلامات القريبة التي تتقدمه بزمن يسير فإذا أراد الله .. أمر الملك الموكل بالبوق فنفخ فيه نفخة يرتج لها كل من في الدنيا من الأحياء ، ويصيبهم هول وخوف شديد ، يؤدى بهم إلى الموت إلا من شاء ربك من الملائكة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ) مات (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) آية ٦٩ من سورة الزمر. وعلى ذلك فالنفخ مرة ليموت الكل ، ومرة ليحيا الكل للحساب ، ومن شاء الله يموت بعد النفخة الأولى وقبل الثانية.
وكل أتوه صاغرين صغار ذل إن كانوا كفارا ، وصغار هيبة وخشية إن كانوا مؤمنين (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (١).
وترى الجبال يومئذ تظنها جامدة ساكنة ، وهي تمر مر السحاب يدفعها الريح صنع الله الذي أتقن كل شيء وأحكمه ، إنه خبير بما تفعلون.
من جاء بالحسنة يوم القيامة فله ثواب جزيل بسببها ، وأصحابها يومئذ من الفزع آمنون مطمئنون ، وكان الفزع الأول عاما لأنه عقب نفخ الصور ، وأما الفزع المنفي عن المؤمنين فالمراد به دوامه واستمراره ، فالمؤمن يموت أو يحيا للحساب يستبشر بالثواب الجزيل والعطاء الذي لا يقطع فهو بحق من الخوف آمن.
وأما من جاء بالسيئة فسيلقى في جهنم على وجهه الذي طالما صعر خده كبرا ، وشمخ بأنفه عجبا وتيها على عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ثم يقال لهؤلاء الكفار : هل تجزون إلا ما كنتم تعملون.
وبعض العلماء يقول في قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) (٢) ... إن ذلك في الدنيا وهذا دليل على دوران الأرض حول الشمس بسرعة فائقة ، وتلك نظرية علمية ثابتة ، ولكن الظاهر والله أعلم أن ذلك في الآخرة ، لأن الآيات التي هنا كلها عن يوم القيامة.
__________________
(١) سورة مريم الآية ٩٣.
(٢) سورة النمل الآية ٨٨.