.................................................................................................
______________________________________________________
امران : وجوب المعرفة ، ووجوب عقد القلب ، وقد عرفت في دليل الانسداد ان عقد القلب عمل من اعمال القلب الاختيارية بذاته ، فان اليقين وان كان اختياريا لكنه ليس بذاته بل بمقدماته ، أي من ليس له يقين يمكن ان يبحث فيحصل له اليقين من مقدمات تستلزم اليقين ، وبعد تمامية مقدمات اليقين فاليقين لا يكون اختياريا ، بخلاف عقد القلب فانه بذاته اختياري لانه مع فرض تأتّيه من غير المتيقن كالظان والشاك فاختياريته واضحة ، ومع فرض ملازمته لليقين فهو أيضا اختياري ، لامكان ان يحصل اليقين للشخص ولا يعقد قلبه على ما يتيقن به ، كما هو فعل الكفار المستيقنين بنبوة النبي الجاحدين لها.
فظهر مما ذكرنا : ان عقد القلب هو غير اليقين وهو مقابل للجحود كما تشير اليه الآية الكريمة وهي قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)(١) فان الآية قد دلّت على ان الكفار قد ايقنوا ولكنهم جحدوا ، والجحود هو اظهار الانكار وعدم اليقين وهو لازم عدم عقد القلب ، لوضوح ان من عقد قلبه على إمامة الامام ونبوة النبي لا يكون مظهرا لانكار امامته او نبوته.
بقي شيء وهو ان عقد القلب وان كان غير اليقين ، ولكنه هل يلازم اليقين بحيث لا يتأتى عقد القلب من الظان والشاك ، او انه لا يلازم اليقين ويتأتى من الظان والشاك؟
ويظهر من المصنف انه لا يلازم اليقين لما ذهب اليه من جريان الاستصحاب فيما كان المهم هو عقد القلب وعدم جريانه فيما كان المهم هو المعرفة ، فانه لو كان عقد القلب مما يلازم اليقين لكان مما لا يتأتى من الظان والشاك ، وعليه فلا يمكن ان يكون موردا للتعبّد الاستصحابي لان الاستصحاب تعبّد للشاك ، فاذا كان عقد القلب لا يتأتى من الشاك فلا يعقل ان يكون موردا لوجوب التعبد به في حال الشك.
__________________
(١) النمل : الآية ١٤.