أخبار فاطر السموات والأرض.
أهل حسرات ، وكهوف شبهات ، وأهل عشوات ، وضلالة وريبة ، من وكلّه الله إلى نفسه ورأيه ، فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما اشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.
ووا أسفا من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودّتها اليوم ، كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل بعضها بعضا؟ المتشتتة غدا عن الاصل ، النازلة بالفرع ، المؤمّلة الفتح من غير جهته ، كلّ حزب منهم آخذ منه بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أنّ الله وله الحمد سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني أميّة ، كما يجمع قزع الخريف ، يؤلّف الله بينهم ، ثمّ يجعلهم ركاما كركام السحاب ، ثمّ يفتح لهم أبوابا ، يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة ، ولم يردّ سننه رصّ طود ، يذعذهم في بطون أودية ، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويمكّن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمّية ، ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركنا ، وينقض بهم طيّ الجنادل من ارم ، ويملأ منهم بطنان الزيتون.
فو الّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليكوننّ ذلك ، وكأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم ، وأيم الله ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالّا ، وإلى الله عزوجل يفضي منهم من درج ، ويتوب الله عزوجل على من تاب ، ولعلّ الله يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء ، وليس لأحد على الله عزّ ذكره الخيرة ، بل لله الخيرة والأمر جميعا.
أيّها الناس ، إنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ، ولو لم تتخاذلوا عن مرّ الحقّ ، ولم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقومن قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن اهلها ، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليهالسلام.
ولعمري ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل ، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة ، لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى