بالرّوح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى هاهنا ، وإن أعش أر ما يقرّ الله به عيني فأكون معكم في السنام الاعلى؟!
ثمّ أقبل الشيخ ينتحب ، ينشج ها ها ها حتّى لصق بالأرض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشيخ.
وأقبل أبو جعفر عليهالسلام يمسح بأصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها ، ثمّ رفع الشيخ رأسه ، فقال لأبي جعفر عليهالسلام : يا ابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبّلها ووضعها على عينيه وخدّه ، ثمّ حسر عن بطنه وصدره ، فوضع يده على بطنه وصدره ، ثمّ قام فقال : السلام عليكم ، وأقبل أبو جعفر عليهالسلام ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثمّ أقبل بوجهه على القوم فقال : من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا. فقال الحكم بن عتيبة : لم أر مأتما قطّ يشبه ذلك المجلس (١).
٣١٠ ـ روى الكافي رحمهالله بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله ولقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه فقال : يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا؟ بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ، رحم الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا امرنا ، قال :
فقلت : فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟ فقال : القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمد نصرته ، كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له شهادتان (٢).
٣١١ ـ وروى ثقة الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن اسماعيل الجعفيّ ، قال : دخل رجل على أبي جعفر عليهالسلام ومعه صحيفة ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : هذه صحيفة مخاصم يسأل عن الدّين الّذي يقبل فيه العمل. فقال : رحمك الله هذا الّذي أريد. فقال أبو جعفر عليهالسلام : شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله ، وتقرّ بما جاء من عند الله ، والولاية لنا أهل البيت ، والبراءة من عدوّنا ، والورع والتواضع ، وانتظار قائمنا ، فإنّ لنا دولة إذا شاء الله جاء بها (٣).
__________________
(١) الكافي ٨ / ٧٦ ح ٣٠ ؛ بحار الأنوار ٤٦ / ٣٦١ ـ ٣٦٢.
(٢) الكافي ٨ / ٨٠ ح ٣٧ ؛ بحار الأنوار ٥٢ / ١٢٦.
(٣) الكافي ٢ / ٢٣ ح ١٣ ؛ بحار الأنوار ٦٩ / ٢.