٤٥٠ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، قال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي ينصركم على عدوّكم ، ثمّ خاطب بني أميّة ، فقال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعني عدتم (بالسفيانيّ ، عدنا بالقائم من آل محمّد عليهالسلام : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) أي حبسا يحصرون فيها (١).
الآية الثالثة قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً)(٢).
٤٥١ ـ وروى الصدوق بالإسناد عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب ، مقصر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيّر في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول : سيّدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت عليّ مهادي ، وأسرت منّي راحة فؤادي ، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا ، إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.
فقلنا : لا أبكى الله ـ يا بن خير الورى ـ عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك ، وتستمطر عيونك؟ وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟
قال : فزفر الصادق عليهالسلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال : ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ؛ وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة ، الّذي خصّ الله تقدّس اسمه به محمّدا والائمّة من بعده عليه وعليهمالسلام ، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول
__________________
(١) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤ ؛ المحجّة ١٢٦.
(٢) الإسراء : ١٣.