ذلك صدق وعدل من الله عزوجل ، لأنّ الله عزوجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.
أقول : وللحديث مقدّمة طويلة تركها صاحب المناقب (١).
٥٠٠ ـ وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : ما خرج موسى حتّى خرج قبله خمسون كذّابا من بني إسرائيل كلّهم يدّعي أنّه موسى بن عمران.
فبلغ فرعون أنّهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام ، وقال له كهنته وسحرته : إنّ هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام الّذي يولد العامّ من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء وقال : لا يولد العامّ ولد إلّا ذبح ، ووضع على امّ موسى قابلة ، فلمّا رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا : إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق ، فتعالوا لا نقرب النساء ، فقال عمران أبو موسى عليهالسلام : بل باشروهنّ ، فإنّ أمر الله واقع ولو كره المشركون ، اللهمّ من حرّمه فإنّي لا احرّمه ، ومن تركه فإنّي لا أتركه ، ووقع على امّ موسى فحملت ، فوضع على امّ موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت ، وإذا قعدت قعدت ، فلمّا حملته امّه وقعت عليها المحبّة وكذلك حجج الله على خلقه ، فقالت لها القابلة : ما لك يا بنيّة تصفرّين وتذوبين؟ قالت : لا تلوميني فإنّي إذا ولدت اخذ ولدي فذبح ، قالت : لا تحزني فإنّي سوف أكتم عليك ، فلم تصدّقها ، فلمّا أن ولدت التفتت إليها وهي مقبلة ، فقالت : ما شاء الله ، فقالت لها : ألم أقل إنّي سوف أكتم عليك.
ثمّ حملته فأدخلته المخدع وأصلحت أمره ، ثمّ خرجت إلى الحرس فقالت : انصرفوا ـ وكانوا على الباب ـ فإنّما خرج دم منقطع ، فانصرفوا ، فأرضعته فلمّا خافت عليه الصوت ، أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ، ثمّ اجعليه فيه ، ثمّ أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر ؛ فوضعته في التابوت ، ثمّ دفعته في اليمّ ، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر ، وإنّ الريح ضربته فانطلقت به ، فلمّا رأته قد ذهب به الماء ، همّت أن تصيح فربط على قلبها.
قال : وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل ، قالت لفرعون : إنّها
__________________
(١) كمال الدّين ٢ / ٤٢٦ ـ ٤٢٨ ح ٢ ؛ الغيبة للطوسي ١٤٠.