فقال : لا يهدي الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار الأمر في الامّة وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من هؤلاء وفي عهد عليّ عليهالسلام مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت من الكفّار. ثمّ تلا الصادق عليهالسلام : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)(١). وأمّا العبد الصالح الخضر عليهالسلام ، فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له ، ولا لكتاب ينزل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى إنّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليهالسلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليهالسلام ، ولينقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على الله حجّة (٢).
٥٨٠ ـ روى الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام يذكر فيه من تقدّم عليه ، فقال عليهالسلام : مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامّة كلّ ذلك ليتمّ النظرة الّتي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحقّ القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحقّ الّذي بينه الله في كتابه بقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ، ومن القرآن إلّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتّى يكون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم يروها ، ويظهر دين نبيّه صلىاللهعليهوآله على يديه على الدّين كلّه ولو كره المشركون (٣).
٥٨١ ـ روى العلّامة المجلسيّ رضوان الله عليه ، قال : روى الصفوانيّ في كتابه عن صفوان : أنّه لمّا طلب المنصور أبا عبد الله عليهالسلام ، توضّأ وصلّى ركعتين ثمّ سجد سجدة الشكر وقال : اللهمّ إنّك وعدتنا على لسان نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآله ووعدك الحقّ ، أنّك تبدلنا من بعد
__________________
(١) يوسف : ١١٠.
(٢) تفسير البرهان ٣ / ١٤٧ ـ ١٤٩ ح ٨.
(٣) الاحتجاج ١ / ٣٨٢.