الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا)(١) ، (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا* وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا)(٢).
وكقوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا* وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)(٣).
فوصف الرسل عليهمالسلام وحمدهم بما كان فيهم من الشيم المرضيّة والأخلاق الزكيّة ، وكان ذلك أوصافهم وأسماءهم ، كذلك علّم الله عزوجل آدم الأسماء كلّها.
والحكمة في ذلك أيضا : أنّه لا وصول إلى الأسماء ووجوه الاستعبادات إلّا من طريق السماع ، والعقل غير متوجّه إلى ذلك ، لأنّه لو أبصر عاقل شخصا من بعيد أو قريب ، لما توصّل إلى استخراج اسمه ، ولا سبيل إليه إلّا من طريق السماع ، فجعل الله عزوجل العمدة في باب الخليفة السماع ، ولمّا كان كذلك أبطل به باب الاختيار ، إذ الاختيار من طريق الآراء ، وقضية الخليفة موضوعة على الأسماء ، والأسماء موضوعة على السماع ، فصحّ به ومعه مذهبنا في الإمام أنّه يصح بالنصّ والإشارة ، فأمّا باب الإشارة فمضمر في قوله عزوجل : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) فباب العرض مبنيّ على الشخص والإشارة وباب الاسم مبنيّ على السمع ، فصحّ معنى الإشارة والنص جميعا.
وللعرض الّذي قاله الله عزوجل : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) معنيان :
أحدهما : عرض أشخاصهم وهيئاتهم ، كما رويناه في باب أخبار أخذ الميثاق والذرّ.
والوجه الآخر : أن يكون عزوجل عرضهم على الملائكة من طريق الصفة والنسبة كما يقوله قوم من مخالفينا ، فمن كلا المعنيين يحصل استعباد الله عزوجل الملائكة بالإيمان بالغيبة.
وفي قوله عزوجل : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) حكم كثيرة : أحدها أنّ الله عزوجل أهّل آدم عليهالسلام لتعليم الملائكة أسماء الأئمّة عن الله تعالى ذكره ، وأهّل الملائكة
__________________
(١) مريم : ٤١.
(٢) مريم : ٥٤ ـ ٥٧.
(٣) مريم : ٥١ ـ ٥٣.