وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».
قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيّك من بعدك؟
فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه (١).
١٠٠٥ ـ روى العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ ، قال :
لمّا طعن الحسن بن عليّ عليهماالسلام بالمدائن أتيته وهو متوجّع ، فقلت : ما ترى يا ابن رسول الله فإنّ الناس متحيّرون؟
فقال عليهالسلام : أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وأومن به في أهلي ، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي.
والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلما!
والله لئن اسالمه وأنا عزيز ، خير من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميّت.
قال : قلت : تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟
قال : وما أصنع يا أخا جهينة ، إنّي والله أعلم بأمر قد أدّى به إلى ثقاته ، إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحا : يا حسن أتفرح؟ كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اميّة ، وأميرها الرحب البلعوم ، الواسع الأعفاج ، يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له في السماء ناصر ، ولا في الأرض عاذر ، ثمّ يستولي على غربها وشرقها ، يدين له العباد ويطول ملكه ، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال ، ويميت الحقّ وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يقسّم المال في أهل ولايته ، ويمنعه من هو أحقّ به ، ويذلّ في
__________________
(١) الغيبة للطوسيّ ٢٤٢ ـ ٢٤٣.