او التّرك على حسب اختلاف متعلّقه من الايجاب والتّحريم فى صورة الاصابة وكونه مؤمّنا من ذمّ المولى واستحقاق العقوبة فى صورة الخطإ فالقطع تمام الموضوع لحكم العقل بترتيب جميع تلك الآثار والسّبب التامّ له عند القاطع وهذا الحكم من لوازمه وآثاره عقلا فانّ القطع بنفسه مرآة تحكى عن الواقعيّات اذا تعلّق بها ويكشف عنها تمام الانكشاف بحيث يراها القاطع من دون ستر وحجاب ولا يحتاج تنجّز الاحكام الواقعيّة وترتيب آثارها عليها بعد القطع بها الى توسيط القطع وجعله واسطة فى ترتّبها وثبوتها على متعلّقه كما هو شأن الأمارات الظنّية فانّ قولنا الظنّ حجّة او البيّنة حجّة او فتوى المفتى حجّة يراد به كون هذه الامور اوساطا لاثبات احكام متعلّقاتها وهذا بعد جعلها الشّارع او العقل حجّة والقطع بنفسه علّة تامّة لذلك فلو قطعنا بانّ هذا خمر نقول هذا خمر وكلّ خمر يجب الاجتناب عنه فهذا يجب الاجتناب عنه ولا حاجة الى درج القطع فى القياس بان يقال هذا مقطوع الخمريّة وكلّ مقطوع الخمريّة الخ وانتظر لتمام الكلام فى معنى الوسط وبما ذكرنا يشهد صريح الوجدان ويحكم فانّ الانسان اذا قطع بحكم المولى من الإيجاب او التّحريم انقدح فى نفسه ملزم ومحرّك عقلى نحو فعل ما قطع بوجوبه وترك ما قطع بحرمته بحيث يرى نفسه مذموما على ترك الاوّل وفعل الثّانى ومستحقّا للمثوبة على فعل الاوّل وللعقاب على الثّانى وينقدح فى نفسه ما يؤمّنه من الذّم والعقوبة واستحقاق المولى للذّم على مؤاخذته مع القطع بموافقة امره ونهيه ومن اجل ذلك اجمعوا فى مسئلة الاجزاء على عدمه ووجوب الاعادة فى صورة القطع بالواقع وانكشاف الخلاف واختلفوا فيما لو كان العمل على طبق ظنّ من الظّنون المعتبرة والسرّ فيه انّ الظنّ ح لمّا كان مجعولا من الشارع كان المكلّف مامورا ومكلّفا بالعمل على طبقه فيأتى فيه انّ الامر يقتضى الاجزاء وامّا العلم فحيث لم يكن مجعولا لا يكون معه امر حتّى يقتضى ذلك ولا فرق فيما ذكرنا من انّ القطع يكشف عن الواقع تمام الانكشاف بين ان يكون لمتعلّقه اثر ام لا وان يكون من الاحكام ام لا وان يكون ممّا تعلّق به احد الاحكام ام لا نعم كونه تمام الموضوع لحكم العقل بالاطاعة واستحقاق العقوبة فى المخالفة والمعذوريّة وكونه علّة تامّة لذلك انّما هو فيما اذا تعلّق بالواقع الّذى يكون بنفسه من احد الاحكام او يكون ممّا تعلّق به الحكم ولأجل ما أوضحناه تعلم انّ الآيات والأخبار الكثيرة الظّاهرة فى ابتداء النّظر فى وجوب العمل بالعلم شرعا وحرمة العمل بالمظنّة وانّ الشّارع اوجب العمل على طبق العلم حتّى قال بعض الأخباريّين انّ الآيات فى ذلك تبلغ مأتين والاخبار خمسمائة ويقال انّه كيف يمكن انكار كونه مجعولا لا بدّ من حملها على ارشاد الشّارع الى حكم العقل والّا كان مستلزما لتحصيل الحاصل وان ليس المقصود منها الّا بيان انّ العمل بالظنّ يوجب الوقوع فى الهلكة لبعده عن الواقع المطلوب بخلاف العلم فانّه مرآة ذاتيّة وكاشف عن الواقع وانّ العمل به موجب للنّجاة والحاصل يدلّ على