هذا هو المهمّ فيما يفرض مانعا عن الفتوى بالاباحة اذ المفروض العلم بكون الحكم من الشارع غير ما هو مقتضى الأصل الموضوعى والحكمى ولا اشكال فى انّ معنى تصديق النّبى ص ليس الّا هو الاعتقاد والالتزام بما جاء به من غير فرق بين الاصول الاعتقاديّة والفروع العمليّة وكما انّ ترك العمل بالحكم الصّادر من الشارع حرام فكذلك الاعتقاد بحكم يكون مخالفا له بل يمكن ان يقال انّ الثّانى اشدّ من الاوّل وموجب للكفر والخروج عن الدّين واجاب قدسسره عن هذا الإشكال بانّ وجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص تابع لثبوته تفصيلا واجمالا واقعيّا وظاهريّا فلو التزم المكلّف فى المقام بالإباحة الواقعيّة كان مخالفا لما وجب الالتزام به وامّا لو التزم بالاباحة الظّاهريّة معتقدا بانّ الحكم الواقعى هو الوجوب او الحرمة فليس فيه مخالفة للحكم الواقعى المردّد وطرح له اصلا وليس الحكم بالإباحة الظّاهريّة ايضا الّا من قبل حكم الشّارع بها كما هو مقتضى ادلّة الاصول مثل قولهم كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم انّه حرام وما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وغير ذلك والتّنافى انّما هو بين ثبوت احد الحكمين من الوجوب والحرمة والعلم به مع ثبوت الإباحة ايضا فى الواقع لا فى ثبوت احدهما فى الواقع والاباحة فى الظّاهر ثمّ أنّ الفرار عن الاباحة من حيث لزوم المحذور المذكور الى القول بالتخيير الظاهرى غير مفيد قطعا لما عرفت من انّ الالتزام بالتخيير ايضا لا بدّ من دليل يدلّ عليه فكما انّ اثبات الالتزام بخصوص الوجوب او الحرمة فى المقام لا يمكن ان يستفاد من نفس دليل وجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص فكذلك الالتزام بالتخيير ولا بدّ له من دليل يدلّ عليه كما هو المدّعى فى الالتزام بالإباحة الظّاهريّة ووجوب الالتزام بما جاء به النّبى ص لا يثبت الّا الالتزام بالحكم الواقعى على ما هو عليه لا التخيير الواقعى او الظّاهرى والالتزام باحدهما تخييرا فانّ التخيير ولو كان ظاهريّا غير التعيين ولو كان واقعيّا هذا مضافا الى ما ذكرنا فى الجواب الاوّل من الاستدلال على التخيير بحكم العقل فتدبّر قوله (فى تلك المسألة فيما اذا اقتضى الأصلان حكمين) وذلك كصحّة الوضوء بالماء القليل الّذى لاقى احد الثّوبين المشتبهين وبطلان الصّلاة فيه وكطهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ بمائع مردّد بين الماء والبول وغيرهما ممّا يعلم اجمالا ببطلان احدهما واستدلّ على الجواز بعدم قيام دليل صالح للمنع فيجب اتّباع ما يقتضيه الادلّة الّتى مفادها الظّاهر وان ادّى الى القول بالتّفصيل وخرق الاجماع بخلاف ما لو قام دليل من اجماع او غيره على المنع من التّفصيل فلا يجوز التّفصيل والخرق كالواطى للأمة اذا وجد فيها عيب بعد الوطى فقال بعض بعدم جواز الردّ وقال بعض آخر بجوازه مع الارش فالقول بجواز الردّ مجّانا خرق للإجماع قوله (والأنصاف انّه لا يخلو عن قوّة لانّ المخالفة العمليّة الخ) حاصله انّ وجوب الاجتناب عن المخالفة القطعيّة الحاصلة فى واقعتين