ووجوب الامتثال ولزوم التناقض فى تجويز الشارع للارتكاب مع كون الحكم الواقعى يكون من قبيل المقتضى ممنوع لانّه يشترط فى التّناقض اتّحاد المتعلّق وفى المقام يتغاير المتعلّقان لأنّ متعلّق وجوب الاجتناب الخمر الواقعى ومتعلّق جواز الشّرب المائع المشتبه فيتعدّدان وبعبارة اخرى وجوب الاجتناب حكم واقعى وجواز التّناول حكم ظاهرىّ والثانى فى طول الاوّل لا فى عرضه وإليه يشير المصنّف ره فى باب البراءة بقوله قلت الحكم الظّاهرى لا يقدح مخالفته للحكم الواقعى فى نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة لرجوع ذلك الى معذوريّة المحكوم الجاهل الخ وعن الثّانى بمعارضة هذه الاخبار مع اخبار كثيرة دالّة على الجواز مثل قوله ع كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام او حتّى تعلم انّه حرام وقوله ع كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال وغيرها من الأخبار ويردّ الأوّل انّ مع علم المكلّف بالمخالفة يقبح من الجاعل جعل الحكمين لانّ العلم بالتّحريم كاف فى وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرّم فاذن الشّارع فى فعله ينافى ويناقض حكم العقل بوجوب الإطاعة ويردّ الثانى بانّ الأخبار المانعة يقرب فى الكثرة الى حدّ التواتر وليست الأخبار المجوّزة بهذه الكثرة فهى راجحة عليها مضافا إلي ظهور الأخبار المجوّزة فى الشّبهات البدويّة فليس بينهما تعارض أصلا وعلى فرض شمول المجوّزة للشّبهات المقرونة بالعلم الإجمالي يكون اعراض الأصحاب عن التّمسك بها لجواز ارتكاب المشتبهين موهنا لها فلا تصلح للمعارضة ثمّ على فرض الشّمول والإغماض عن الاعراض تكون هذه الاخبار دالّة على جواز ارتكاب المشتبه من حيث انّه مشتبه فلا ينافى عروض مانع للجواز وفى المقام هو العلم الإجمالي بارتكاب الحرام ووجوب الاجتناب من كلّ منهما مقدّمة فانّ العقل لا يقبح العقاب على الارتكاب بعد حصول العلم الإجمالي والحاصل لا اشكال فى صدق المخالفة عقلا وعرفا لانّه مخاطب بالاجتناب عن النّجس مثلا والمفروض انّه موجود فى الإناءين فالخطاب منجّز فى حقّه والقائل بالجواز امّا يمنع من وجود المقتضى بانّ المراد بالنّجس المأمور بالاحتراز عنه هو النّجس المعلوم كونه نجسا مستدلّا بوضع الالفاظ للمعلومات او بانصرافها اليها فى مقام التّكليف وهو فى غاية السّقوط وامّا يثبت المانع من تنجّز الخطاب بعد اعترافه بانّ الواجب هو الاجتناب عن النّجس الواقعى مستدلّا بادلّة البراءة وهذا أيضا باطل لعدم جريانها فى المقام لانّ دليل البراءة امّا العقل وقد عرفت انّه يحكم بخلافها وامّا الاخبار وهى ايضا تدلّ بالمفهوم على عدم الجواز ويظهر ذلك بالتامّل فى مثل حديث الرّفع وقوله ع النّاس فى سعة ما لا يعلمون ومرسلة الفقيه كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهى وخصوصا الأخير فانّ الاوّلين يدلّان بالمفهوم على عدم رفع العقاب والآثار عمّا علم والعلم اعمّ من التّفصيلى والإجمالي ولا وجه لتخصيصه بالاوّل فالمراد بما لا يعلمون هو الشّك الصّرف الّذى لا يشوبه العلم