هاتين الصورتين لانّ مناط الذّم واستحقاق العقاب ليس الّا مجرّد ارتكاب ما هو مبغوض للمولى عن قصد اليه وقد يحتمل وجه خامس وهو انّه اذا كان المخالفة العمليّة مخالفة لخطاب مردّد بين خطابين وكان الشّبهة فى الموضوع فيجوز المخالفة مطلقا واذا كانت الشبهة فى الحكم فيفصّل بين ما كان الاشتباه من قبيل دوران تعلّق الخطاب الوجوبى بصلاة الظهر او الجمعة وما كان من قبيل تعلّقه بالدعاء عند هلال شهر رمضان او بالصلوات عند ذكر النّبى ص فكما أنّ الشبهة فى الموضوع اذا كانت كاشفة عن خطاب تفصيلى كما فى الشّبهة المحصورة فلا يجوز المخالفة فكذا فى الشّبهة الحكميّة اذا كانت من قبيل الاوّل ويستدلّ لهذا التّفصيل بجريان دليل الوجه الاوّل فيما كان من قبيل وجوب الدّعاء او الصلوات لا فيما كان من قبيل وجوب الظّهر او الجمعة ويمكن المناقشة فيه بان الاشتباه فى كلّى المتعلّق للحكم لا ينفكّ ابدا عن الاشتباه فى كلّى اصل الحكم فمتى كان متعلّقه الكلّى مردّدا بين امرين كان الخطاب ايضا مردّدا واذا جعل المدار فى جواز المخالفة اشتباه الخطاب الكلّى وتردّده بين خطاب تعلّق بموضوع كلّى وخطاب تعلّق بموضوع آخر كذلك فهذا بعينه موجود فى القسم الاوّل ولا يقاس المقام بالتّفصيل الجارى فى الشّبهة الموضوعيّة فانّ فى الشّبهة المحصورة يكون الحكم والمتعلّق الكليّان معلومين تفصيلا وقد علمت انّ ارتكاب الإناءين المشتبهين يكون مخالفة لخطاب معلوم تفصيلىّ وهو قول الشارع أجتنب عن النّجس وكذا لو قال اكرم زيدا واشتبه بين شخصين فانّ ترك اكرامهما معا معصيته لخطاب تفصيلى فالشّبهة الموضوعيّة قد يرجع المخالفة فيها الى مخالفة الخطاب التّفصيلى فيخرج عن محلّ الكلام وقد يرجع الى مخالفة الخطاب المردّد بين الخطابين فيجرى فيه الوجوه الأربعة وهذا بخلاف الشبهة الحكميّة الّتى يكون المتعلّق للحكم الكلّى مردّدا بين كلّيين فانّها يلزمها عدم الانفكاك عن المخالفة للخطاب المردّد مطلقا إلّا ان يقال انّ الجاعل اذا اراد انشاء الحكم لأحد الموضوعين الكليّين اللّذين بينهما جامع مشترك فامّا ان يلاحظ هذا الجامع وينشئ الحكم لكلّى خاصّ مع الالتفات الى الجامع المشترك بينه وبين الكلّى الآخر لكونه جنسا قريبا لهما مثل انشاء الحكم وتخصيصه بصلاة الظّهر او الجمعة مثلا فانّ تخصيص الحكم باحد النّوعين لا ينفكّ عن ملاحظة جنسهما الّذى هو مطلق الصّلاة وان خصّص الانشاء باحدى الخصوصيّتين فينحلّ الأمر فى الحقيقة الى امر باتيان الجنس وامر باتيان هذا الجنس فى ضمن الفصل الخاصّ فكانّه قال اطلب منك ايجاد الصّلاة وان توجدها فى ضمن الظّهر او الجمعة ويكون الفصلان من حيث كون القدر المشترك بينهما جنسا قريبا لهما بمنزلة المصداق له ولهذا يسمّى كلّ منهما جزئيّا اضافيّا بالنّسبة الى جنسهما القريب وان كانا كليّين ولهما مصاديق متعدّدة والحاصل انّ الجاعل وان انشأ الحكم لخصوص احد المتعلّقين الكلّيين الّا انّه جعل الخصوصيّة متعلّقة