فانّ انفتاح باب العلم بهذا المعنى ممّا لا يمكن دعواه واذا كان المراد هو امكان الوصول فقد يكون الشخص متمكّنا من الوصول الى الواقع ولكن لم يصل اليه لاعتماده على الطرق المفيدة للعلم مع خطأ علمه وكونه من الجهل المركّب فلا ملازمة بين الانفتاح وعدم الوقوع فى خلاف الواقع وعلى هذا يمكن ان تكون الأمارات الظنّية فى نظر الشارع العالم بالغيب على احد الوجوه الّتى قدّمنا وعليه فلا يلزم محذور من التعبّد بالأمارات الغير العلميّة لعدم تفويت الشارع من التعبّد مصلحة على العباد وان لم تكن الامارات فى نظر الشارع على الوجه الاوّل فلا اقلّ من كونها فى نظره على الوجه الثالث ام الرّابع نعم قد اشرنا سابقا الى انّ على الوجه الرّابع يحتاج الجعل الى مرجّح ويكفى فى التّرجيح تسهيل الامر على العباد بل إذا تدبّرت بعين الحقيقة علمت انّ الطّرق المبحوث عنها فى المقام كلّها طرق عقلائيّة عرفيّة عليها يدور رحى معاشهم ومقاصدهم ومعاشراتهم وليس فيما بايدينا من الطّرق ما يكون اختراعيّة شرعيّة ليس معمولا عند العرف بل جميعها من الطرق العقلائيّة وتلك الطرق من حيث الاتقان والاستحكام عند العقلاء كالعلم اى حالها عندهم حال العلم من حيث الاصابة والخطأ والشّارع قرّر العقلاء على الاخذ بها فى احكامه والوصول الى مقاصده ولم يردع عنها لعدم ما يقتضى الردع عنها كما ردع عن القياس مع انّه من الطّرق العقلائيّة ويعتمدون عليه فى مقاصدهم الدنيويّة والشارع ردع عنه فى الاحكام الدينيّة لانّه مبنىّ على استخراج المناط وذلك لا يخلو عن نظر واجتهاد وهو فى الموضوعات الخارجيّة قليل الخطأ لانّ غالب الأمور الخارجيّة المتشابهة تحت جامع واحد وكانت مناطاتها بايدى العقلاء فاعمال النّظر وتخريج المناط لا يضرّ بمقاصدهم وهذا بخلاف الاحكام الشرعيّة فانّ مناطاتها ليست ممّا تنالها الافهام فانّ مبنى الشرع على تفريق المجتمعات وجمع المتفرّقات فكان القياس كثير الخطأ فى الشرعيّات ولذلك نهى الشارع عنه فى احكامه واين ذلك من سائر الطّرق العقلائيّة فانّ الخطأ فيها ليس باكثر من خطأ العلم عند العقلاء ولذا يعتمدون عليها فيما يعتمدون فيه على العلم والشارع قرّرهم على ذلك واكتفى بها فى اثبات احكامه ولا يمكن ان يتفاوت الحال فى الأمارة من حيث قلّة الخطأ والاصابة بين الموضوعات الخارجيّة والاحكام الشرعيّة فانّ خبر الثّقة لو كان قليل الخطأ فى الاخبار عن الموضوعات الخارجيّة فهو كذلك ايضا فى الاخبار عن الاحكام الشرعيّة ومن جميع ذلك ظهر انّه لا سبيل الى دعوى العلم بكون الأمارة اكثر خطأ من العلم ولا أقرب ولو سلّم انّ الأمارة اقرب الى ذلك منه وسلّم انّ مجرّد الاقربيّة يقتضى المنع عنها فذلك اذا لم يكن ما يلزم رعايته وهو مصلحة التّسهيل ولا اشكال فى انّ امضاء ما بايديهم من الطرق وعدم ردعهم عن العمل بها توسعة عليهم وتسهيل لهم وهذه مصلحة نوعيّة يصحّ للشارع مراعاتها وان كانت توجب تفويت بعض المصالح الشّخصيّة وكمر من مصلحة نوعيّة قدّمت على مصلحة شخصيّة وليس ذلك بعزيز الوجود فى الشرعيّات والتّكوينيات والعرفيّات وليعلم ان ليس المراد من مصلحة