الوجوب فلا يصحّ اطلاق الحرام على ما فيه المفسدة المعارضة بالمصلحة الرّاجحة عليه ولو فرض صحّته فلا يوجب ثبوت حكم شرعىّ مغاير للحكم المسبّب عن المصلحة الراجحة والتصويب وان لم ينحصر فى هذا المعنى الّا انّ الظاهر بطلانه كما اعترف به العلّامة فى النّهاية فى مسئلة التّصويب واجاب به صاحب المعالم فى تعريف الفقه عن قول العلّامة بانّ ظنيّة الطّريق لا ينافى قطعيّة الحكم قلت أوّلا لو سلّم كون هذا تصويبا مجمعا على بطلانه كان الجواب به عن ابن قبة من جهة انّه امر ممكن غير مستحيل وان لم يكن واقعا لاجماع او غيره وهذا المقدار يكفى فى ردّه نعم لو كان هذا هو التّصويب بمعناه المعروف الّذى لا اشكال فى استحالته عقلا عندهم كان فاسدا إلّا أن يقال انّ كلام ابن قبة الّذى هو من اصحابنا انّما هو بعد الفراغ عن بطلان التّصويب ولو بالاجماع وثانيا أنّ ما نقصده فى المقام ليس من التّصويب المجمع على بطلانه وتوضيح ذلك انّ اشتمال الأمارة على مصلحة مساوية لمصلحة الواقع او ارجح منها يتصوّر على وجوه أحدها أن يكون الحكم مطلقا تابعا لتلك الأمارة والمراد من الاطلاق كما هو ظاهر كون المقتضى لجعل الحكم فيما قامت عليه الأمارة نفس الأمارة سواء قامت على طبق حكم العالمين او قامت على خلافه من حيث سببيّتها لحدوث المصلحة فيما قامت عليه كذلك بحيث يكون مع قطع النّظر عن قيام الأمارة عليه خاليا عن المصلحة بكلّ وجه فالحكم الواقعىّ مختصّ فى الواقع بمن كان عالما به من حيث اختصاص المصلحة الموجبة لجعله فى حقّ العالمين فالجاهل مع قطع النّظر عن قيام الأمارة لا حكم له اصلا بناء على كون الجعل تابعا للأمارة بمعنى تاخّره عن وجود الأمارة ولو طبعا او محكوم بما يعلم الله تعالى انّ الأمارة تؤدّى اليه فيكون قيام الأمارة اذا كاشفا عن جعل الحكم على طبقها قبل قيامها ضرورة تقدّم المنكشف على الكاشف بحسب الوجود فعلى كلّ تقدير يكون الحكم الواقعى مختصّا بالعالمين وبه ان اتّفق اشتراك الجاهلين معهم فى بعض التّقادير من حيث اقتضاء سبب جعل الحكم فى حقّهم ذلك احيانا من باب الاتّفاق فهو نظير توافق السّببين بحسب الاقتضاء فى مورد من باب الاتّفاق وهذا كما ترى هو التّصويب الاشعرى الباطل عند اهل الصّواب من التخطئة وقامت الضرورة عندهم على خلافه ولم يستشكل احد من الاماميّة فى بطلانه بل هو افحش من جميع ما يتصوّر من المعانى للتّصويب لعدم الاشكال فى استحالته عقلا من وجوه غير خفيّة على المتأمّل وقد تواتر بوجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل الأخبار والآثار الثّانى ان يكون الحكم الفعلىّ تابعا لهذه الأمارة بمعنى انّ لله تعالى فى كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لو لا قيام الأمارة على خلافه والمراد من الفعلىّ فى المقام ليس ما هو المراد منه فى سائر المقامات من معناه المعروف عندهم الّذى يكون مقابلا للحكم الشّأنى اى ما يكون هو المناط فى استحقاق الثواب والعقاب فى مقابل ما يكون موجودا فى الواقع حتّى فى حقّ من قامت الامارة