كان حملها على الاوّل خلاف الظاهر وامّا فى المقام فقد علمت ان ليس قضيّة سالبة اصلا واذا كانت لم تكن قابلة الغير السّالبة بانتفاء الموضوع لا يقال يتمّ عدم ثبوت المفهوم اذا كان الموضوع هو الفاسق وامّا اذا كان الموضوع هو النّبإ صحّ ان يكون له حالتان التبيّن والأخذ بلا تبيّن ويكون الحكم بالتبيّن معلّقا بكون الجائى به هو الفاسق وصحّ ثبوت المفهوم فانّ الموضوع ح وهو النبأ له تحقّق ووجود ويكون قابلا لتعلّق الحكم به نفيا واثباتا مع قطع النّظر عن الشّرط لأنّا نقول انّ النبأ ليس له وجود مع قطع النّظر عمّن جاء به بل هو من الاعراض القائمة بالمعروض فنبأ الفاسق اذا جاء به غير نباء العادل اذا جاء به ويكونان من المتباينين والنّبإ المذكور فى الآية هو النبأ القائم بالفاسق وكيف يؤخذ هذا موضوعا فى المفهوم لحكم آخر فليست الآية الّا من السّالبة بانتفاء الموضوع ولا يخفى انّ مع هذا كلّه للتّأمّل مجال واسع قوله (من الاطمينان الّذى هو مقابل الجهالة) فانّ الظاهر من الجهالة هو الجهالة العرفيّة اى عدم الاعتقاد لا علما ولا ظنّا اطمينانيّا ولا يخفى انّ هذا مشكل من وجوه الاوّل انّ الجهل لغة هو عدم العلم فلم لا يجعل الجهالة قرينة على انّ المراد بالتبيّن هو الظهور العلمى الّا ان يقال بالفرق بين الجهل والجهالة وهو كما ترى الثّانى انّ اللازم حينئذ تقسيم الأخبار كلّها من عادل وغيره الى ما يحصل منه الاطمينان والوثوق فيعمل به والى غيره فلا يقبل جميع اخبار العدل ولا يطرح كلّها وكذلك لا يطرح جميع اخبار الفاسق ولا يقبل كلّها وكذا ما بينهما من الموثّقات والحسان فانّ مناط الاعتبار حينئذ هو الاطمينان بنفس الرّواية وذلك يختلف باختلاف الموارد فربما خبر ضعيف يحصل منه الاطمينان والوثوق به بملاحظة انجباره بالشّهرة وخبر لعادل لا يطمئنّ به النّفس لمخالفته لها او لوجود معارض ونحو ذلك وهكذا فى الحسن والموثّق كما جرى عليه عادة القدماء ولعلّ العلّامة ره أيضا بنى عليه فى بعض المواضع من كتابه خلاصة الرجال فانّ كلّا من حسن بن فضّال وابنه علىّ بن حسن بن فضّال من الموثّقين باصطلاحه حيث انّهما عاميّان قد صرّحوا بوثاقتهما وقد ضعّف هو ره روايات الأب مع تجويده روايات ابنه واعترض عليه بعضهم كصاحب المعالم وغيره بانّه لا وجه للتّفريق لانّا ان قلنا باعتبار الاخبار الموثّقة لزم قبول رواياتهما معا وان قلنا بعدمه لزم طرحهما كذلك وأنت بعد الخبرة بما ذكرنا تعلم انّه لا وقع لهذا الاعتراض لانّ هذا التفريق يكشف عن اختياره مذهب القدماء فى النبإ على الظّن الاطميناني وكان وثوقه بعلىّ بن حسن اكثر من ابيه الثّالث انّ مادّة التبيّن آبية عن الحمل على غير العلمى لأنّه مأخوذ من البيان وهو الوضوح والجلاء والظّهور يقال كلام بيّن اى واضح جليّ لا غشاوة عليه والى هذا اشار المصنّف ره بقوله كما هو مقتضى اشتقاقه بل هو معنى فوق العلم وليس من الظّهور الاصطلاحى بمعنى الراجح المحتمل للخلاف وقد علمت أيضا انّ الجهالة فى مقابل العلم الشامل لجميع ما عداه من الظّن والشّك والوهم فحمل التبيّن والجهالة على الظهور العرفى وعدمه موجب لصرفهما عن ظاهرهما من