الايراد مبنىّ على اختيار انّ المفهوم المخالف هو النقيض المنطقى للمنطوق لا انّه عبارة عن رفع الحكم المذكور على نحو ثبوته واذا كان المنطوق وجوب التبيّن عن خبر الفاسق على الوجه الكلّى فيكفى فى رفعه السّلب الجزئى والجواب أنّه قد تقرّر فى بحث المفهوم اشتراط اتّحاده مع المنطوق فيما عدا الايجاب والسلب ولزوم توافقهما كمّا وليس المفهوم الاصولى نقيضا منطقيّا اذا المنطقى حيث ينظر الى البراهين لاخذ الضوابط الكليّة اخذ نقيض السالبة الكليّة موجبة جزئيّة ونقيض الموجبة الكليّة سالبة جزئيّة اخذا بالمتيقّن لئلّا ينثلم قاعدة النقيض وامّا الاصولى فنظره الى ظواهر الالفاظ والنّسبة بينهما عموم من وجه ولا اشكال عند الاصولى فى لزوم اخذ المفهوم مطابقا لما كان المنطوق ظاهرا فيه واذا كان الاطلاق فى المنطوق مفيدا للعموم الاستغراقى ثبت ذلك فى جانب المفهوم ايضا لاتّحاد الموضوع وهو النبأ مضافا إلى انّ الشرط علّة منحصرة لعروض الحكم على افراد الموضوع فى جانب المنطوق فينتفى الحكم بانتفاء علّته المنحصرة والّا يخرج السّبب عن كونه سببا فى بعض الأفراد وبالجملة بعد ما استفيد من المنطوق انّ المعلّق على الشرط هو الحكم العامّ وانّ العموم استغراقىّ كان المنتفى عند انتفاء الشرط هو ذاك الحكم العامّ الشامل لكلّ فرد فرد لا عموم الحكم وشموله حتّى يكون المنتفى عند انتفاء الشرط عموم الحكم الصادق بالسلب الجزئىّ.
قوله (لكنّ الأنصاف عدم جواز الاستدلال بها من وجوه) ما قيل او يمكن ان يقال فى المنع عن التّمسك بها وجوه :
احدها انّ منطوق آية النبإ ناطق بعدم حجيّة خبر الفاسق خاصّة سواء كان فى الاحكام او الموضوعات مع سكوتها عن حال خبر العادل ومنطوق هذه الآية يدلّ على حجيّة الخبر فى الاحكام الكليّة دون الموضوعات كما هو الظاهر من النفر والتّفقه والانذار والحذر مع شمولها لخبر العادل ايضا فيفترق تلك الآية عن هذه فى خبر الفاسق المتعلّق بالموضوعات وهذه الآية عنها فى خبر العادل المتعلّق بالاحكام ويجتمعان فى خبر الفاسق عن الاحكام الكليّة ويتعارضان حيث انّ تلك الآية ينفى حجيّته وهذه تثبتها والترجيح لأية النبإ لكونها منصوصة العلّة بخلاف هذه الآية فيقدّم على هذه الآية بتخصيصها بغير خبر الفاسق واختصاصها بحجيّة خبر العدل وحده فى الاحكام وكذلك لو قلنا بتعارضهما وعدم ترجيح لاحدهما على الاخرى وما ذكرنا انّما هو بالنّسبة الى منطوق الآيتين مع قطع النّظر عن مفهوم آية النبإ بناء على عدمه فيها وبالجملة ما يثبت حجيّته بهذه الآية ليس الّا خبر العادل ولمّا كان المراد بالعادل هو العادل الواقعى وكان معرفته موقوفة على العلم به والعلم بعدالة الراوى فى امثال زماننا فى غاية الصعوبة ان لم نقل بامتناعه فلا يجدينا مجرّد حجيّة خبر العادل فى معرفة الاحكام لعدم كفاية اخبار معلومى العدالة والعلم بثبوت احكام