المراتب فى الجعل فبعضها مرتّب على الجهل باصل الواقع بحيث يتعيّن ح قيامه بخصوصه مقامه دون غيره كوجوب قبول قول البيّنة عند عدم العلم بالواقع ويقدّم على سائر الامارات الحاكية عنه وبعضها مرتّب على الجهل به وبما يقوم مقامه كوجوب ترتيب آثار الملكيّة على اليد وبعضها مرتّب على الجهل بهما وبما يقوم مقامهما كوجوب العمل بالاستصحاب عند فقد العلم بالواقع وعدم وجود البيّنة وثبوت اليد وبعضها مؤخّر عن الواقع باربع مراتب كالاشتغال لو قلنا به وبعضها مؤخّر عنه بخمس مراتب كاصالة البراءة لو ثبت حجيّة قاعدة الاشتغال والّا فهى فى المرتبة الرّابعة فتسمية ما يستفاد من قول البيّنة بالواقع الثانوى واطلاق اسم الواقع عليه انّما هى بالنّسبة الى ما دونه من المراتب لتقدّمه عليها رتبة كما يقدّم الواقع عليه وتسميته بالحكم الظاهرى انّما هو لاجل اخذ الجهل بالواقع فى موضوعه واقتضائه سبق حكم عليه فى الواقع وهكذا الكلام فى سائر المراتب بالنّسبة الى ما فوقه وما دونه ثمّ إنّ الواقع قد يكون اختياريّا وقد يكون اضطراريّا كما هو واضح ثمّ اعلم أنّ مقصودهم من الدليل الاجتهادى هو ما كان نظره الى الحكم الواقعى ويكون طريقا اليه وحاكيا عنه ومن الدليل الفقاهتى هو ما كان مفاده الحكم الظّاهرى المتعلّق بالمكلّف فى مقام العمل ووجه تسمية الاوّل بالاجتهادى هو انّ الاجتهاد عندهم استفراغ الوسع فى تحصيل العلم بالاحكام الشرعيّة الكليّة او الظّن بها واستنباطها عن ادلّتها التفصيليّة بقدر الامكان واصله السعى والجهد البليغ فى تحصيل الشيء على ما هو عليه فى الواقع فالادلّة الّتى تكون ناظرة الى تلك الاحكام وحاكية عنها وان امكن خطائها فى بعض الاحيان تسمّى بالادلّة الاجتهاديّة والثانى بالفقاهتى هو انّ الفقيه انّما يستعمله فى الفقه فى مقام العمل بعد استفراغ وسعه فى معرفة الحكم الواقعى وعجزه عنه ويلاحظ ما يستفاد منه بعد عجزه عن تحصيل ما هو ثابت فى الواقع علما او ظنّا معتبرا للعمل مع قطع النظر عن الواقع فالادلّة بعضها ممحّضة لحكاية حال الواقع كالقطع الحاصل من الاجماع والتواتر ونحوهما والامارات الظنّية كاخبار الآحاد والاصول اللفظيّة وبعضها ممحّضة لافادة الحكم المتعلّق بالعمل فى مرحلة الظاهر خاصّة كالاصول العمليّة الأربعة فانّ المأخوذ فى موضوعها هو الشّك فى الحكم الواقعى للواقعة وبعضها ذات جهتين كالبيّنة واليد ونحوهما من الأمارات الظنّية لو قلنا باعتبارها من باب التعبّد لا مجرّد افادتها للظنّ فهى من حيث التعبّد بها وكونها احكاما ظاهريّة مترتّبة على عدم العلم بالواقع تكون من الادلّة الفقاهتيّة ومن حيث حكايتها بذاتها غالبا عن الواقع وكون نظرها اليه وافادتها للظنّ نوعا تكون من الادلّة الاجتهاديّة ولمّا كان الحكم الواقعى هو المطلوب الاوّلى بقدر الامكان كان اللازم تقديم الادلّة الحاكية عنه على غيرها ولازمه تقديم الادلّة الاجتهاديّة المحضة على ذوات الجهتين وتقديم ذوات الجهتين على الفقاهتيّة المحضة فالاصول الأربعة متأخّرة طبعا عن جميع ما سواها من الادلّة وهذا هو السّر فى عدم استعمالها