من وظيفته كما لا يخفى قوله (كما تقدّم من الشيخ وجماعة لم يسلّم وجوبه شرعا) ربما يتوهّم انّ هذا الكلام صريح فى جواز انفكاك الحكم الشرعىّ عن الحكم العقلىّ وهو بديهىّ البطلان ويمكن دفعه أوّلا بأنّ حكم العقل بمنزلة المقتضى للحكم الشرعى على طبقه لا علّة تامّة ولذا تخلّف فى موارد كثيرة كما هو مذهب بعض المحقّقين وثانيا بأنّ اذن الشارع فى ادلّة البراءة رافع لصغرى قاعدة وجوب الدفع لانّ اذنه كاشف عن وجود مصلحة متداركة بها المفسدة.
قوله (فى الشبهة الموضوعيّة المحكومة ب الإباحة ما اذا لم يكن هناك الخ) كما فى الشبهة الحكميّة وذلك لانّ البراءة والاحتياط انّما يلاحظان بعد الياس عمّا عداهما فلو وجد فى محلّ الابتلاء دليل آخر لكان هو المتّبع لحكومة سائر الاصول والادلّة مثل الاستصحاب واليد والبيّنة وغيرها من القواعد الكليّة عليهما من دون فرق بين كون ذلك الدليل موافقا ومؤكّدا لهما او مخالفا فانّ موضوعهما يرتفع بوجود دليل معتبر سواهما وذكر الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم فى خصوص الشبهة الموضوعيّة التحريميّة موارد اربعة وصرّحوا بخروجها عن محلّ الكلام لانقلاب الاصل فيها عموما بلحاظ اصل موضوعىّ اوّلها الاموال حيث يظهر منهم جعل الاصل فيها الحرمة وتفصيله أنّ الشبهة الماليّة امّا مسبوقة بحالة يقينيّة ام لا سواء علم لها حالة سابقة وقد انتقضت كما اذا علمنا بكون دار معيّنة ملكا لزيد ثمّ شككنا بعد موته فى نقلها الى عمرو او خالد مع العلم بانتقالها الى احدهما بالموت او لم يعلم لها حالة سابقة اصلا كما اذا وجد مال فى صندوق شخص ولم يعلم انّه ماله او مال الغير والصورة الاولى وهى الّتى مسبوقة بحالة يقينيّة إمّا ان تكون تلك الحالة عدم ثبوت الملكيّة لاحد اصلا كما اذا عثر على صبرة فى ارض غير مملوكة وشكّ فى انّها اجتمعت بعمل مسلم بقصد الحيازة حتّى تكون مملوكة ام لا بل انّما اجتمعت بسبب الرياح او عمل مسلم من دون قصد حيازتها حتّى يجوز للّذى عثر عليه التصرّف فيه وتملّكه وامّا ان تكون ثبوت الملكيّة للغير كما اذا علمنا بكون الشّيء مالا لشخص خاصّ ثمّ حدث امر وشكّ فى كونه سببا للانتقال وعدمه كالبيع بالفارسيّة مثلا لا اشكال فى جريان الاستصحاب فى الصورتين الاخيرتين فيحكم فى الاولى بالاباحة وجواز التصرّف بانحائه سواء كان التصرّف ممّا يترتّب على الملكيّة كالبيع ونحوه او كان ممّا يكفى فيه مجرّد الحليّة والاباحة من جانب الشارع ولو بحكم الاصل كالأكل والشّرب ونحوهما لاصالة عدم حدوث ملك للغير فيه وعدم ثبوت يد عليه وفى الثانية بالحرمة وعدم جواز شيء من التّصرفات لاصالة عدم الانتقال والملكيّة وعدم تأثير العقد وأمّا ما لا يعلم فيه الحالة السّابقة فبالنسبة الى التّصرفات المترتّبة على الملكيّة والماليّة كالبيع ونحوه فلا اشكال فى عدم جريان اصالة البراءة لانّها لا تؤثّر الّا فى نفى العقاب ولا تصلح لاحراز الملكيّة بخلاف الاستصحاب اذ يثبت به الاحكام مط تكليفيّة كانت ام وضعيّة وامّا