على ذلك انّ عروض الاحكام الشرعيّة لافعال المكلّفين على مذهب العدليّة انّما هو من جهة انطباق عناوين عليها مجهولة لنا وهى الموضوع الاوّلى للاحكام المعروضة للحسن والقبح اذ ليس المعروض لهما الافعال من حيث انّها افعال وهذا معنى ما قالوا انّ الواجبات السمعيّة انّما وجبت لكونها الطافا فى الواجبات العقليّة وحينئذ فحصول الاطاعة المتوقّفة على الاختيار متوقّف على قصد ذاك العنوان امّا تفصيلا فيما علم ذلك وامّا اجمالا بقصد ما هو حاك عنه ومرآة وعنوان له اذ هو الموضوع الحقيقى واذا قصد الفعل بذلك العنوان باحد الوجهين يكون الفعل المأمور به فى القضيّة اللفظيّة الشرعيّة مثلا اختياريّا ذاتا وصفة لانّ مع قصد ذلك العنوان يكون ترتّبه على الفعل اختياريّا والّا كان الترتّب قهريّا ولا يتّصف الفعل ح بالحسن والقبح ولمّا كان اللازم فيما لم يعلم ذلك العنوان تفصيلا قصده اجمالا لصيرورة الفعل المأمور به اختياريّا فليقصد الوجوب او الندب فانّه يكون مشيرا اليه وعنوانا له وحاصل هذا الوجه انّ ذلك العنوان وان ترتّب على الفعل المأمور به عند ايجاده الّا انّ مع عدم قصده باحد الوجهين لا يكون ذلك الترتّب اختياريّا وقد يستدلّ بانّ العنوان المنطبق على الافعال المعروضة للحكم الشرعى والعقلى لا يعلم تحقّقه بدون قصد الفعل بذلك العنوان فانّ كثيرا من العناوين يكون ترتّبها على الافعال موقوفا على قصدها كما هو واضح فاذا لا بدّ من قصدها باحد الوجهين حتّى يعلم تحقّقها وحاصل هذا الوجه عدم العلم بتحقّق العنوان بدون القصد ولو بالوجه اذا عرفت ذلك فاعلم انّ جماعة منهم ذكروا فى المقام نظير الوجه الثانى وقالوا انّ وجوب ايجاد الفعل بقصد الاطاعة والامتثال فى العبادات لا يكون من جهة دخله فى المأمور به شطرا او شرطا بل من جهة الجهل بعنوان الواجب فى العبادات وعدم العلم بتحقّقه عند ايجاد الفعل على الاطلاق فيحكم بلزوم ايجاده بداعى الامتثال لحصول العلم بتحقّقه فانّ المكلّف اذا قصد الاطاعة والامتثال عند ايجاد الفعل فقد قصد ذلك العنوان ويردّه أانّ الحكم بوجوب الاطاعة وقصد الامتثال فرع بقاء الوجوب وعدم سقوط الامر باتيان ذات الواجب وهنا مبنىّ على كون الاطاعة من حيث هى مقصودة للأمر فى اوامره وهذا هو الدّور فإن قلت إنّا حكمنا بوجوب الاطاعة توصّلا الى اسقاط التكليف بايجاد المكلّف به على نحو تعلّق به غرض الأمر قلت المفروض عدم دخل القصد فى المادّة ولا فى الهيئة للزوم الدّور فالخطاب لا يدلّ الّا على وجوب المادّة واذا شككنا فى اعتبار القصد فى قوام ماهيّة الواجب الواقعىّ الّذى تعلّق غرض الأمر بتحقّقه فى الخارج جرى اصالة براءة الذمّة من وجوب اتيان الواجب بهذا العنوان كغيره من الشرائط والأجزاء الّتى يشكّ فى اعتبارها فى الواجب لانّ المناط فى جريان اصالة البراءة هو الشّك فى ايجاب الشارع امرا يكون بيانه وظيفة له فالعقاب عليه من دون بيان غرضه قبيح وكما يقبح العقاب على التّكاليف الّا بعد بيانها كذلك يقبح العقاب على