عدمهما معا وان كان ما ذكرنا خلاف ظاهر العبارة فلا وقع للاشكال قوله (وقد مضى شطر من الكلام فى ذلك فى المقصد الاوّل) اعلم انّ ما ذكره هنا يخالف هناك من وجهين الاوّل انّه ابطل الاباحة هنا بما عرفت وابطله هناك بوجه آخر وهو انّ المخالفة العمليّة الّتى لا تلزم فى المقام من الحكم بالاباحة هى المخالفة دفعة فى واقعة عن قصد وعلم وامّا المخالفة تدريجا فى واقعتين فهى لازمة البتّة والعقل كما يحكم بقبح المخالفة فى الصورة الاولى كذلك يحكم به فى الثانية ثمّ صرّح بأنّ هذا الكلام لا يجرى فى الشبهة الواحدة الّتى لم يتعدّد فيه الواقعة حتّى يحصل المخالفة العمليّة تدريجا فالمانع فى الحقيقة هى المخالفة العمليّة القطعيّة ولو تدريجا مع عدم التعبّد بدليل ظاهرى انتهى الثانى انّ فى المقام اختار التوقّف وهناك بعد ابطال اطلاق الاباحة اختار التخيير والحقّ هو التوقّف بالمعنى الّذى ذكره وهو عدم العلم بالحكم الواقعى وعدم حكم ظاهرىّ للواقعة اصلا لا عدم علمنا به والوجه ما افاده فى المقام من ابطال التخيير لا يقال انّ الّذى ذكرتم عدم الدّليل عليه هو التّخيير الشرعى وامّا التّخيير العقلى فلا مانع عنه مع انّ المقام من الدوران بين المحذورين فانّه يقال انّ ذلك انّما هو فى مورد يتوقّف العمل على الالتزام باحدهما وامّا المقام فالمفروض عدم توقّف العمل عليه لكونهما توصّليّين فلا محذور فى التوقّف فى الحكم وكما انّ البراءة العقليّة يتوقّف على عدم وجوب التّخيير وعدم امكان التوقّف فى الحكم فكذلك التّخيير العقلى فى الحكم يتوقّف على عدم جريان الاباحة وعدم امكان التوقّف فيه ثمّ لا يخفى انّ اختيار التوقّف انّما هو مع قطع النظر عمّا صرّح به فى فروع اعتبار القطع من انّ ظاهرهم فى مسئلة دوران الامر بين الوجوب والتّحريم الاتّفاق على عدم الرجوع الى الاباحة وان اختلفوا بين قائل بالتّخيير وقائل بتعيين الاخذ بالحرمة ومع النظر اليه يكون القول بالتوقّف كالقول بالاباحة مخالفا لاجماعهم ولا ضير فى ذلك لما عرفت من عدم الدليل على وجوب الالتزام بحكم ظاهرىّ فى المقام وعدم اقتضاء دليل وجوب تصديق الشارع والالتزام بما جاء به ذلك مضافا الى انّ اجماعهم انّما هو فى مسئلة اصوليّة فتامّل قوله (ثمّ على تقدير وجوب الأخذ هل يتعيّن الأخذ بالحرمة) وامّا تعيّن الاخذ بالوجوب فلم نجد قائلا به ولا حكى الّا ما يظهر من شارح الوافية حيث قال فى المسألة قد نقل عن بعض العلماء انّ بعضا يقول فعل الحرام اسهل علينا من ترك الواجب ولم يظهر وجهه لى انتهى قوله ويضعّف الاخير بمنع الغلبة لوضوح انّه يشترط فى اعتبارها على القول به كون المشكوك من الافراد النادرة كالزنجى المشكوك فى كونه اسود او ابيض ووجود هذا النّحو من الغلبة بل دونه فى المقام ممنوع جدّا على انّ غاية ما تفيده هو الظّن ولا يثمر الّا على القول بالظنّ المطلق