دلالتها على المنطوق مط وانّما الفرق بالتبعيّة فى مقام الدّلالة ولو سلّم فتقديم المنطوق على المفهوم انّما هو فى غير مفهوم الغاية خصوصا مع ملاحظة ما عرفت من انّ اطلاق الغاية انّما هو بحسب المادّة ولو سلّمنا شمول الرّواية للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالى ودلالتها على حليّة كلّ فرد من اطراف الشبهة من حيث انّه مجهول الحرمة بالخصوص وان كانت حرمة احدهما لا بعينه فى الواقع معلومة فنقول انّ المغيّى كما تفيد حليّة كلّ مشتبه بدويّا ام مقرونا بالعلم الاجمالى فكذلك الغاية تفيد حرمة كلّ معلوم الحرمة تفصيلا او اجمالا وذلك لوضوح انّ مرجع الضمير المضاف اليه فى قوله بعينه ليس هو الحرام فيكون المعنى حتّى تعلم انّ الشّيء الحرام بعين الحرام اى حرام مشخّص معيّن كما هو كذلك فى الحديث الثانى وهو رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع بل مرجع الضّمير المضاف اليه فى هذه الرواية هو الشّيء وعليه فقوله حتّى تعلم انّه حرام يشمل العلم التّفصيلى والإجمالي لانّ كلّ شيء علم حرمته فقد علم حرمته بنفسه فاذا حكم بنجاسة اناء زيد وطهارة اناء عمرو واشتبه الإناءان فاناء زيد شيء علم حرمته بنفسه فلفظ بعينه فى هذه الرّواية تاكيد للضّمير الراجع الى الشيء جيء به للاهتمام فى اعتبار العلم كما يقال رايت زيدا بعينه لدفع توهّم وقوع الاشتباه فى الرؤية وتكون انّ مع اسمه وخبره مؤوّلة بالمصدر والمعنى كلّ شيء حلال ظاهرا ما لم تعلم حرمة هذا الشيء بعينه ولا اشكال فى صدق هذا المعنى على معلوم الحرمة بالاجمال كما عرفت ولاجل هذا الصّدق يكون بعينه تاكيدا لما ذكرنا لا تاكيدا للحرام كما فى الرواية الثانية حيث انّ الغاية فيها معرفة الفرد الحرام من الكلّى الّذى علم وجود الحلال والحرام فيه وبالجملة لا اشكال فى انّ بعينه قيد للمعرفة فى الحديثين ولكنّ الظاهر من الاوّل انّه قيد لمعرفة حرمة الشيء وتاكيد لها وتفيد حرمة ما علم حرمته ولو بالاجمال وامّا الحديث الثانى فالظّاهر منه ان بعينه قيد لمعرفة الفرد الحرام فتفيد حليّة كلّ من طرفى العلم الاجمالى وحرمة ما عرف حرمته تفصيلا وتكون فائدة التاكيد الاحتراز عمّا علم حرمته اجمالا والوجدان وفهم العرف اقوى شاهد على عدم صحّة جعل بعينه تاكيدا للضمير المجرور فيه إلّا انّ ابقائه على هذا الظّهور يوجب المنافاة لما دلّ على حرمة ذلك العنوان المشتبه مثل قوله اجتنب عن الخمر فانّ المستفاد من الكتاب والسنّة والاجماع ثبوت احكام واقعيّة يشترك فيها العالم والجاهل وانّ ادلّة الاحكام ناظرة الى المعانى النفس الأمريّة وعلى هذا يستحيل تقييدها بالمعلومات التفصيليّة فانّ مدلول قوله اجتنب عن الخمر مثلا هو وجوب الاجتناب عن كلّ خمر فى الواقع فالمقتضى له موجود مع وجود الخمر فان لم نعلم به مط لم يتنجّز ذلك التكليف فى حقّنا لعذر الجهل شرعا وعقلا وامّا مع فرض وجود العلم بالخمر فى محلّ الابتلاء وثبوت التكليف بالاجتناب من غير تقييد بالعلم التفصيلى لا اشكال فى تنجّز التكليف ويستحيل تقييده بالمعلوم التّفصيلى مع فرض ثبوته فى الواقع مط فثبوت التكليف