بان تعذّر مسح الرّأس او الرّجل او غسل بعض الاعضاء الواجب غسلها كان مشمولا لقوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) ويكون مكلّفا بالتيمّم والاستفادة المذكورة معارضة بالاخبار المتقدّمة الأمرة باتيان الميسور عند تعذّر البعض ولكنّ التّعارض صورىّ لحكومة الاخبار المذكورة على آية التيمّم لكونها بيانا وتفسيرا لها ويصير معنى قوله سبحانه (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الخ بملاحظة هذه الاخبار انّ الوضوء الواجب يختلف بحسب اختلاف حال المكلّف من حيث التمكّن من استعمال الماء فى جميع افعال الوضوء وتعسّره ويكون الواجب على المتمكّن الوضوء التامّ وعلى غيره الوضوء النّاقص بمقدار تعذّره وبالجملة الانتقال الى البدل موقوف على عدم التمكّن من المبدل منه الّذى هو الواجب بالاصالة وقاعدة الميسور تعيّن الواجب فى الباقى المتمكّن منه اذا لم يكن فاقدا للاركان ويفيد انّه بمنزلة الواجب الاصلىّ ومن الواضح انّ مع توسعة الشّارع فى موضوع المبدل منه لا وجه للحكم بالبدل.
قوله (الامر الثالث لو دار الامر بين الشرطيّة والجزئيّة) توضيح هذا الامر يتمّ ببيان جهات الأولى الجزء ما كان داخلا فى الماهيّة واعتبر فى عرض سائر الاجزاء والشّرط ما اعتبر تلبّس المشروط به ووجود الاجزاء متلبّسة به كالطّهارة والقبلة والسّتر فى الصّلاة فانّ الشرط هو الطّهارة الحاصلة من الغسل فى تطهير البدن واللّباس والطّهارة الحاصلة من افعال الوضوء والغسل فى الطّهارة عن الحدث ومواجهة المصلّى فى القبلة الحاصلة من الاستقبال وتستّر العورة فى السّاتر الحاصل من السّتر ومن هنا يعلم انّ الجزء من مقولة الفعل والكمّ والشّرط من مقولة الكيف ولا بدّ عند الشّك والدّوران من ان يكون للامر الّذى علم باعتباره جهتان جهة فعل وجهة حالة حاصلة من ذلك الفعل يشكّ فى انّ المعتبر فى المأمور به هو الفعل المبدا لتلك الحالة او نفس الحالة المتحصّلة منه واكثر الشّروط يمكن اعتبارها بكلّ من الجهتين ويتعيّن الاعتبار بملاحظة الدّليل فان استفيد منه كونه من مقولة الفعل ودخيلا فى الماهيّة فهو جزء وان استفيد كونه من الكيفيّات ومن مقولة الوصف فهو شرط واذا حصل الشّك فالمرجع هو الاصل الثّانية لا اشكال فى انّه اذا علم اعتبار شيء فى المأمور به وشكّ فى كونه باىّ الوجهين فاصالة البراءة متعارضة من الجانبين وليس فى المقام اصل كلّى يقتضى كونه جزء او شرطا حتّى يرجع إليه نعم فى الآثار المترتّبة على كلّ واحد منهما لا بدّ من الرّجوع الى الاصول فيها نفيا واثباتا فاذا شكّ فى شيء انّه جزء او شرط وقلنا انّ الرّياء فى الجزء مبطل للعمل دون الشّرط كان مقتضى الاصل عدم ابطالها له ودعوى أنّ مع العلم باعتبار الشّيء يجب تحصيل العلم بالبراءة اليقينيّة واليقين بتفريغ الذّمة وان شكّ فى كيفيّة اعتباره كما ترى لا يقال انّ الاصل عند الدّوران يقتضى كون المشكوك فيه شرطا لافتقار الجزء الى اعتبار زائد وهو ملاحظة