نفس حكم العقل بل هو سبب لحكمه بالبقاء بل عرفت انّ منشأه ليس الّا غلبة بقاء ما كان لا مجرّد ثبوته فى السّابق بل حكم العقل بالبقاء ظنّا يمكن منع كونه ممّا يتوصّل به الى الحكم الشّرعى حتّى يكون دليلا عقليّا والمتوصّل به ما دلّ على حجيّة هذا الظّن ولكن ستعرف بطلان الكلام الاخير قوله والمأخوذ من السنّة ليس الّا وجوب الحكم الخ) قد عرفت انّ الاستصحاب بناء على التعبّد ليس الّا حكم الشّارع بالبناء على طبق الحالة السّابقة عملا قوله (وان جعل خصوص الكبرى انطبق على تعاريف المشهور) لا يخفى انّ الاذعان بالبقاء ظنّا كما هو مفاد تعاريف المشهور غير الاذعان بانّه مظنون البقاء كما هو مفاد الكبرى والتوفيق بينهما بكون التّغاير بين الظّن بالشّيء وكونه مظنونا اعتباريّا كما ترى والظّاهر انّ العضدى اراد من المحدود نفس القاعدة العقليّة ولا ينافيه جعله كبرى القياس وصاحب الوافية لمّا نظر الى اطلاقه الاستصحاب على القاعدة العقليّة الّتى يتمسّك بها فى الموارد الخاصّة تسامح وجعله عبارة عن التّمسك بثبوت ما ثبت فى وقت او حال على بقائه فيما بعد ذلك فى غير تلك الحال فاطلقه على كلا مقدّمتى الدّليل وقد يظهر من بعضهم اطلاقه على القاعدة الشرعيّة اعنى كلّ امر ثبت تحقّقه حكم ببقائه ما لم يعلم المزيل وعلى اىّ حال فاكثر التعاريف غير خالية عن الاشكال مضافا الى عدم كونها مانعة والّذى يهوّن الخطب فى امثال المقام انّ هذه التعاريف شارحة ومميّزات فى الجملة وليست حدودا حقيقيّة.
قوله (وامّا بناء على كونه من احكام العقل فهو دليل) لانّ الدليل ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه الى مطلوب خبرىّ والاستصحاب لو كان الحاكم به العقل كان موصلا الى الحكم الشرعى لانّه لازمه ومفاده فانّ الحكم كما يكون شرعيّا وغير شرعىّ كذلك دليل الحكم الشرعىّ قد يكون شرعيّا كالامارات المجعولة من الشارع وقد يكون عقليّا وهو ما يحكم به العقل ويجعله طريقا ويتوصّل باعانته غالبا الى الحكم الشرعىّ ويكون حكم العقل ح ظنيّا ظاهريّا كما فيما نحن فيه فانّ العقل قد يكون حكمه قطعيّا كحكمه بالبراءة فى موردها وبحرمة الظلم ووجوب الشكر وقد يكون ظنّيا ظاهريّا واذا عملنا به ادركنا مطلوب الشارع غالبا فكون الاستصحاب من باب الدليل اذا انيط حجيّته بالعقل ظاهر ومثله بناء العقلاء ولزوم الاخذ بالرّاجح عندهم من حيث لزوم ترجيح المرجوح عليه فى صورة العكس ومع ذلك لا يخفى عليك انّ فى اطلاق الدليل عليه مسامحة وذلك لانّ الدليل عبارة عن مجموع القضايا المتوصّلة بها الى مطلوب خبرىّ المركّبة من صغرى وكبرى ونسبة الدليل بالعقلى انّما يستقيم اذا استفيد مجموع القضيّتين من العقل كما هو الحال فى قولنا الظّلم قبيح وكلّ قبيح حرام فالظّلم حرام حيث انّ قبح الظلم وحرمته كلاهما عقلىّ وكذا الكلام في تسمية