مدخليّة العلم فى موضوع حكم العقل باستحقاق العقاب من القسم الثّانى فيما كان العقاب من تبعات الخطابات الشرعيّة فلا عبرة بالعلم المخالف للواقع فى استحقاق العقاب فى نظر العقل ولذلك يحكم بوجوب الاطاعة الظنيّة على تقدير انسداد باب العلم والعياذ بالله لو قلنا بانّ الظّن بالحكم مستلزم للظنّ بالعقاب وبعدم الاكتفاء بالاطاعة الظنّية عند التمكّن من الاطاعة العلميّة وليس من القسم الاوّل الواقع فى سلسلة علل الاحكام حتّى يمكن ان يقال بانّ العلم تمام الموضوع لحكمه وممّا ذكرنا يظهر ايضا انّ فى صورة مخالفة القطع للواقع ليس وراء كشف الفعل عن سوء سريرة الفاعل جهة مبغوضيّة فاعليّة توجب عند العقل استحقاق العقاب وأمّا حديث انّ المصادفة وعدمها ليست اختياريّة فقد مرّ الكلام فيه وعرفت الجواب عنه وامّا الادلّة القائمة على عدم الحرمة فامور منها انّ القول بحرمة التجرّى مستلزم للتّسلسل او ترجيح المرجوح على الرّاجح وكلاهما باطلان بيان ذلك انّ مع حرمة الفعل المتجرّى به امّا ان يكون التجرّى ايضا حراما فيلزم التسلسل لانّ التجرّى بهذا التجرّى ايضا يكون حراما ومنهيّا عنه وهلمّ جرّا نظير اوامر الإطاعة اذا كانت مولويّة وامّا ان لا يكون حراما فيلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح لانّ نفس التجرّى من حيث كونه جرأة على المولى وهتكا لحرمته اولى بالحرمة من الفعل المتجرّى به فلو كان الفعل حراما دون التجرّى لزم ما ذكرنا فتأمّل ومنها ما تقدّم من انّ الحكم بالحرمة او ثبوت العقاب لما اقدم عليه بعنوان غير عنوانه الواقعى عقاب على امر غير اختيارى ومنها ما تقدّم من لزوم اجتماع المثلين بنظر القاطع بل يمكن ان يقال انّه يمتنع جعل حكم اصلا للفعل المتجرّى به وراء الحكم الواقعى لانّ الخمر اذا كان فى الواقع حراما فان كان مقطوع الحرمة ايضا حراما لزم اجتماع المثلين بنظر القاطع لعدم الفرق عنده بين مقطوع الخمريّة والخمر الواقعى وان كان لمقطوع الخمريّة حكم غير الحرمة لزم اجتماع الضدّين فى نظره فليس للفعل المتجرّى به بهذا العنوان حكم اصلا بل حكمه حكم الواقع ومنها ما تقدّم ايضا من انّ تعلّق النّهى وتوجيه الخطاب الى القاطع امّا غير ممكن او قبيح لانّه لو نهاه الشارع بهذا العنوان وقال ايّها القاطع الّذى يخالف قطعك للواقع لا ترتكب ما قطعت به فهذا غير ممكن لانّ القاطع ما دام قاطعا لا يحتمل الخلاف حتّى يرى نفسه مشمولا لهذا الخطاب وان احتمل الخلاف خرج عن موضوع الخطاب الّذى هو القاطع ولمثل هذا يحكم ببطلان عبادة النّاسى للجزء فى العبادة فانّه اذا غفل عنه فى اثنائها لم يتغيّر الامر المتوجّه اليه قبل الغفلة وان سقط عنه فعلا لاستحالة تكليف الغافل ولم يحدث بالنّسبة اليه امر آخر من الشّارع حين الغفلة بعنوانه لانّه غافل عن غفلته ومع الالتفات يخرج عن موضوع الغافل ولو نهاه بغير هذا العنوان وقال ايّها القاطع لا تخالف قطعك كان هذا النّهى لغوا فيقبح صدوره عن الشارع الحكيم لانّ هذا النّهى لا يزيد شيئا على القاطع ويحصل الدّاعى بنفس قطعه ولا يكون هذا الخطاب داعيا