فى الزمان الثانى لزم ان لا تتقرّر معجزة اصلا لانّ المعجزة امر خارق للعادة وخرق العادة متوقّف على استمرارها فانّه لو لم يتوقّف على استمرارها لجاز تغيّرها فلا تكون المعجزة خارقة للعادة واستمرار العادة متوقّف على انّ الاصل بقاء ما كان على ما كان فانّه لا معنى للعادة الّا انّ تكرّر وقوع الشيء على وجه مخصوص يقتضى اعتقاد انّه لو وقع لم يقع الّا على ذلك الوجه فلو كان اعتقاد وقوعه على الوجه المخصوص يساوى اعتقاد وقوعه على خلاف ذلك الوجه لم تكن المعجزة خارقة للعادة وفيه انّ ما ذكر يقتضى ايضا وجود معدوم عند احتماله اذا كان العادة على وجوده ولم يلتزم بذلك أحد مضافا إلى انّ العادة بالمعنى الّذى عرفت توجب العلم بالاستمرار فانّ قبل وجود الشيء بالمعجزة كان المعلوم بسبب العادة عدم وقوعه الرّابع بناء العقلاء على ذلك فى جميع أمورهم والجواب ما ذكره فى المتن من انّ بناء العقلاء انّما يسلّم فى موضع يوافق الاحتياط او يحصل لهم العلم بالبقاء عادة او الظّن به النّاشى من الغلبة الصنفيّة وامّا كون بنائهم على البقاء فى الاحكام الشرعيّة فممنوع الخامس انّ الاخذ ببقاء ما ثبت اخذ بالراجح فيتعيّن لقبح الاخذ بالمرجوح مع ترك الراجح امّا قبح الاخذ بالمرجوح فظاهر لا اشكال فيه وامّا انّ الاخذ ببقاء ما ثبت اخذ بالرّاجح فلهم فى اثباته وجوه منها ما عن المحقّق فى المعارج ومنها ما ذكره جماعة من انّ الثابت اوّلا قابل الثبوت ثانيا والّا لانقلب من الامكان الذاتى الى الاستحالة ولا ينعدم الّا بمؤثّر لاستحالة خروج الممكن من احد طرفيه الى الآخر الّا بمؤثّر ومع تقدير عدم العلم بمؤثّر العدم الراجح بقاؤه وهذا كما ترى يرجع الى دعوى انّ ما لا يمتنع بقائه ممّا ثبت اوّلا يرجّح بقائه ثانيا لعدم العلم بما يؤثّر فى عدمه وما أجاب به انار الله برهانه فى المتن من منع استلزام عدم العلم بالمؤثّر لذلك فكانّه لا يلائم الاستدلال اذ ليس الدّعوى كون عدم العلم بالمانع مؤثّرا فى رجحان عدمه بل الدّعوى كون ذلك مؤثّرا فى رجحان البناء على عدمه لوضوح انّ عدم العلم بما يقتضى ارتفاع ما وجد اوّلا لا يوجب رجحان بقائه كما انّ عدم العلم بما يقتضى بقائه وهو عدم المانع لا يوجب رجحان ارتفاعه والحقّ فى الجواب ان يقال انّ انكار الاستصحاب لا يتوقّف على دعوى انعدام الثابت حتّى يحتاج الى التعليل باستحالة خروج الممكن عن احد طرفيه الى الأخر الّا بمؤثّر ومن الواضح أنّ الثابت اوّلا كما لا ينعدم الّا بمؤثّر كذلك لا يبقى الّا بمؤثّر وهو بقاء المقتضى بصفة اقتضائه الغير المتحقّق الّا مع عدم الرّافع وبقائه كذلك ايضا غير معلوم وان أرادوا من هذا الدليل انّ عدم العلم بالمانع يوجب الظّن بالبقاء رجع الى الوجه الآتي ومنها ما ذكره العضدى وغيره من انّ ما تحقّق وجوده ولم يظنّ عدمه او لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء وظاهره دعوى الظّن الفعلىّ بالبقاء وهو ايضا ظاهر دعوى كون الاستصحاب الاذعان بالبقاء من القائلين بحجيّته ولا يبعدان يكون منشأ هذه