وليس المراد من المسامحة ما يتبادر منها بدوا بل المراد منها عدم كون العنوان فى الموضوع الماهيّة على ما هى عليه بحسب الدقّة العقليّة بل العنوان فيه هو ما يراه العرف وأجاب عن الثانى أوّلا بعدم دلالة الاخبار على وجوب الاحتياط وقد تقدّم فى بحث اصالة البراءة انّ اخبار الاحتياط لا يدلّ على وجوب التحرّز وجوبا شرعيّا بل مفاد بعضها الاستحباب وجملة منها الطلب الإرشادي وثانيا بأنّ اخبار الاستصحاب حاكمة على ادلّة الاحتياط على تقدير الدلالة ولا يخفى ما فى التعبير من المسامحة فانّ اخبار الاستصحاب واردة على تلك الادلّة ورافعة لموضوع البراءة والاحتياط ولا بأس بتوضيح الكلام فى بيان ما اوقع الجماعة فى توهّم المنع عن جريان الاستصحاب فى الاحكام الكليّة وبيان الشبهة باحسن ما يمكن تقريره بحيث يكشف حقيقتها ويرفع ابهامها فنقول من الواضح لزوم كون الموضوع والمحمول فى القضيّة المتيقّنة وفى القضيّة المشكوكة متّحدين فى باب الاستصحاب بان يكون الشكّ حاصلا فيما هو مقطوع الثبوت اوّلا لم يكن الشكّ فى البقاء وكان شكّا فى الحدوث وهذا الامر موجود فى استصحاب الموضوعات بلا اشكال فاذا قطع بحياة زيد فى يوم السّبت وشكّ فيها فى اليوم اللاحق يستصحب حياته وأمّا استصحاب الاحكام الالهيّة فقد يتوهّم انّه لا يعرض الشكّ على مورد اليقين ويكون الشكّ دائما فى وجود الموضوع لا فى حكمه لانّ الحكم لا يتخلّف عن موضوعه واذا احرز ذلك الوجود الخاصّ الّذى لوحظ حين جعل الحكم وتشريعه قطع بثبوت حكمه ويمتنع ان يرتفع الّا بنحو البداء المستحيل فى حقّه تعالى فلا يكاد يحصل الشكّ فى الحكم الشرعى الّا عند عدم احراز موضوعه بان يكون الموضوع فى الحالة اللاحقة فاقد الامر وجودىّ او عدمىّ اعتبر فيه شرطا او شطرا لوضوح انّ كلّ حكم من الاحكام الالهيّة وضعيّا ام تكليفيّا لا بدّ له من موضوع محدود معيّن من غير فرق بين ان يكون تشخيصه وتحديده بالاطلاق او التّقييد كيف لا والشّارع العالم بعواقب الامور يعلم حدود موضوعات احكامه من الزمان والمكان والموانع والقواطع والشرائط والاجزاء بحيث لو سئل عنه من هذه الخصوصيّات لاجاب عنه بالاعتبار او عدمه فالشكّ فى الحكم الشرعىّ لا يكون الّا من جهة فقدان ما له دخل فى ترتّب الحكم والّا لا يحصل الشكّ فالماء الكرّ المتغيّر بالنّجس الّذى زال تغيّره من قبل نفسه اذا شكّ فى نجاسته لا يكون مورد الشكّ هو مورد اليقين فانّ الحكم بالنّجاسة ان كان للماء الّذى حدث فيه التغيّر فمع زواله نقطع بنجاسته ايضا لانّ الموضوع باق ويستحيل ان يرتفع منه حكمه وان كان للماء ما دام متغيّرا فمع زواله نقطع بطهارته نعم يمكن الشكّ فى غير الاحكام الشرعيّة من احكام سائر الموالى لامكان رفع المولى حكمه فى الزمان الثانى مع بقاء الموضوع على ما هو عليه وذلك لامكان البداء فى حقّهم ولا يمكن ذلك فى الاحكام الشرعيّة سواء قلنا فيها بكون المصلحة فى نفس الحكم او فى متعلّقه فانّ الحكيم تعالى اذا التفت الى جعل حكم فلا محيص عن تعيين موضوعه