من ان يلتزم بحرمته من غير تعليق لانّ عنوان المخالفة ممّا لا يمكن ان يعارضه جهة اخرى توجب ارتفاع القبح عنه وثانيا أنّ القول باستقلال حكم العقل فى ادراك الحسن والقبح لا يجتمع مع القول بانّهما قد يكونان بالوجوه والاعتبارات فانّ لكلّ فعل جهات شتّى لا يحيط بها الّا ربّ العالمين وثالثا انّه لو سلّمنا عدم كون التجرّى علّة تامّة للقبح والحرمة كالظلم فمن الواضح انّه ليس ممّا لا يعرض له فى نفسه حسن ولا قبح الّا بملاحظة ما يتحقّق فى ضمنه فلا شكّ فى كونه مقتضيا للقبح كالكذب يكون حراما ما لم يعرضه جهة محسّنة والجهة المحسّنة الواقعيّة لا تمنع عن اقتضائه ما لم تكن مستندة الى الاختيار بل الفعل ما لم يكن اختياريّا لا يتّصف بصفة الحسن والقبح لانّهما لا يقتضيان التّكليف الّا مع قصد عنوانهما وظاهر انّ شخص المتجرّى غير عالم بالجهة الواقعيّة ومع جهله لا يمكنه قصد العنوان حتّى يتّصف الفعل بالحسن والقبح الموجبين للتّكليف وبالجملة باب الحسن والقبح والمدح والذّم والثّواب والعقاب غير باب المصلحة والمفسدة والخواصّ والآثار الّتى لا دخل للعلم بها كتأثير شرب الخمر مثلا فى القساوة وتدنّس القلب ومجرّد كون الفعل المتجرّى به ذا مصلحة واقعيّة لا يوجب تغيير قبح التجرّى اذا لم تكن المصلحة معلومة ولم يكن المكلّف ملتفتا الى وجوبه والكذب الّذى يتوقّف عليه انجاء النّبى قبيح اذا لم يلتفت الى التوقّف والصّدق الموجب لهلاكه حسن اذا لم يلتفت الى ذلك فالجهة الظاهريّة الّتى يتعلّق بها القصد توجب التّكليف بخلاف الجهة الواقعيّة فانّها غير صالحة لذلك فلا تعارض الجهة الظّاهريّة من حيث الحسن والقبح وما يتبعهما قوله (وهو محلّ نظر بل منع) وذلك بدعوى ادراكنا مدح الشّىء وذمّه بما لا يكون اختياريّا وعليه يمكن ابتناء منع الدليل العقلى السّابق من انّ عدم العقاب لامر لا يرجع بالأخرة الى الاختيار قبحه غير معلوم ومبنى هذا المنع هو امكان مدخليّة الامور الخارجة عن القدرة فى استحقاق المدح والذّم قوله (كما لا يخفى على المتأمّل) فانّ مبنى منع الدّليل العقلى السّابق قد كان هو عدم جواز تأثير الامر الغير الاختيارى فى الذّم والقبح حيث كان مفاده انّ ثبوت العقاب فى صورة المصادفة لاجل ارتكاب الفعل المحرّم عن عمد واختيار وامّا عدم العقاب فى صورة الخطاء فلعدم ارتكاب الفعل المحرّم ولو لم يكن عن اختيار والقبيح هو العقاب على الامر الغير الاختياري وهذا بخلاف كلام المفصّل فانّه مبنىّ على انّ الامر الغير الاختياري وهو الجهة الواقعيّة المجهولة عند القاطع يؤثّر فى رفع القبح الثابت بزعمه وبينهما بون بعيد مضافا الى انّ المنع السّابق للدّليل العقلى قد كان مفاده عدم ثبوت العقاب للتجرّى وعدم اقتضائه له وهذا مقام الدّفع وامّا الكلام هنا فمفاده ثبوت المقتضى للعقاب لو لا الرافع فالكلام هنا فى مقام الرّفع قوله (لا وجه للتّداخل ان اريد وحدة العقاب) بل التجرّى بالمعنى المصطلح وهو الاعتقاد المخالف للواقع فى طرف النّقيض للمعصية ويمتنع اجتماعهما فى مورد واحد حتّى يتداخل العقابان الّا اذا قلنا بحرمة