الّا انّ الانصاف انّ دعوى دلالتها على الحرمة فى المقام قريبة جدّا واذا عرفت ذلك كلّه ظهر لك انّ ما استدلّ به على حرمة قصد المعصية وان كان لا يخلو عن مناقشات الّا انّ الانصاف ظهور جملة منها فى الحرمة وتعارضها الاخبار الدّالة على العفو ولا يجوز الرّجوع فيهما الى المرجّحات السّندية لانّ كلّا من الطائفتين كثيرة جدّا بحيث يمكن دعوى بلوغه الى حدّ التواتر ولا اشكال فى انعقاد الاجماع فى الجملة على عدم حرمة القصد المجرّد كما هو صريح الاخبار الدّالة على العفو فالمتيقّن هو العلاج والتصرّف فى مقام الدّلالة والجمع بينهما وقد جمع بينهما فى المتن بوجهين الاوّل حمل ما دلّ على العفو على من ارتدع عن قصده بنفسه وحمل الاخبار الأخيرة على من بنى قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختياره ولو لم يفعل بعض مقدّمات الفعل ايضا وفيه انّه ان اريد من الارتداع بنفسه الرجوع عن قصده بالتّوبة فهذا عين الالتزام بحرمة قصد الحرام وليس تقييدا او تخصيصا فى الحقيقة بالاضافة الى اطلاقات المؤاخذة لوضوح تقييد العقاب فى جميع المعاصى بما اذا لم يتب الفاعل فليس اخبار العفو اوجب من التقييد شيئا وان أريد مجرّد ارتداعه باىّ داع كان من دون ان يردعه رادع فهذا جمع لا شاهد له أصلا والثّانى حمل الأوّل على من اكتفى بمجرّد القصد وحمل الاخبار الاخيرة على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات واستشهد له بحرمة الإعانة على المحرّم وسيأتيك الكلام على الإعانة إن شاء الله الله تعالى وهنا جمع آخر يختلج ببالى ويتقوّى فى نظرى وهو انّ العاصين لله سبحانه فريقان فرقة منهم يعصونه ويخالفونه تحقيرا له تعالى شأنه ولاوامره ولرسله المبلّغين وهم اصحاب الطّاغوت الّذين لو انكشف الأغشية عن سرائرهم لما ظهر منها الّا العناد والتّضليل وهم الّذين اتّخذوا إلههم هواهم وفرقة منهم المتوسّطون الّذين آمنوا بالله ورسله واوليائه بقلوبهم بل ويختارونهم على أنفسهم واموالهم لغاية محبّتهم لهم فى مواقع الامتحان ويستسلمون لهم ولكنّهم بسبب ركونهم الى الدّنيا واشتغالهم بها وضعفهم عن مقاومة الشّيطان وغلبة الهوى عليهم قد يغفلون عن ربّهم وعن اوامره ومواعيده واليوم الأخر فيميلون الى المعصية ويقصدونها فى حين غفلة من تبعاتها فان اكتفوا هؤلاء بمجرّد القصد او التلبّس ببعض المقدّمات ولم يرتكبوا الفعل المحرّم يعفو عنه ربّهم فانّه بهم غفور رحيم والى ما يقرب من هذين الفريقين يشير مولانا سيّد السّاجدين ع فى دعاء ابى حمزة الهى لم اعصك حين عصيتك وانا بربوبيّتك جاحد ولا بامرك مستخفّ ولا لعقوبتك متعرّض ولا لوعيدك متهاون ولكن خطيئة عرضت وسوّلت لى نفسى وغلبنى هواى واعاننى عليها شقوتى فالآيات والاخبار الدّالة على المؤاخذة بالنيّة تحمل على الاوّل وما دلّ على العفو على الثانى فان قلت كيف يجوز الاعتماد على اخبار العفو ودعوى الاجماع على العمل بها فى