او الخوف من الله تعالى او غيره والتّرجيح بين الدّواعى والصّوارف ربما يحتاج الى تامّل وعلى اىّ حال فهذا التّرجيح هو الحكم والتّصديق السّابق على الإرادة ولأجل ما ذكر كانت هذه المقدّمة اختياريّة غالبا وقد تكون غير اختياريّة وذلك عند حصول الميل وتهاجم الدّواعى مع الغفلة عن الصّوارف رأسا ولذا حكموا بمعذوريّة الجاهل القاصر الرّابع القصد والإرادة وثالثا أنّ ما ذكرتم منقوض بالمعصية الحقيقيّة فانّ نفس المخالفة بما هى مخالفة وهى الفعل الخارجى لا يوجب المذمّة والعقاب والّا لكان الفعل الصّادر عن الغافل والنّائم موجبا لذلك ومن ذلك يعلم انّ الموجب للمؤاخذة والعقاب هو الفعل الصّادر عن عمد ونيّة ويلزم حينئذ أن يكون غير اختيارى فانّ المركّب من الاختيارى وغيره غير اختيارىّ وما تتفصّون به هناك نتفصّى به فى النيّة المجرّدة فإن قلت إذا ثبت حرمة النيّة والقصد الى المعصية كان المحرّم مطلق القصد سواء اقترن بالفعل امر لا وما ورد فى النّصوص العفو عنه هو القصد المجرّد فيبقى الفعل الصّادر بقصد المعصية وهو المتجرّى به على الحرمة وقد انكرتم كونه حراما وموجبا للعقاب قلت قد عرفت فيما تقدّم بما لا مزيد عليه انّ المسلّم من لزوم القبح والمذمّة عند العقل وبناء العقلاء من نيّة المعصية او فعلها فى صورة الخطاء انّما هو القبح الفاعلى بمعنى انّ هذه النيّة او هذا الفعل يكشف عن وجود صفة الشّقاوة فى الشخص وسوء سريرته من دون حكمهم بقبح الفعل المتجرّى به او النيّة المتعلّقة به ولكن قضيّة طائفة من الأخبار وجملة من الآيات هو ثبوت الحرمة لنيّة المعصية ولا وجه للتّعدى عن موردها الى نيّة ما يعتقد كونه معصية وليس بمعصية حقيقة توضيح ذلك انّ النيّة قد يقترن بالفعل وقد تكون مجرّدة وعلى كلّ من التّقديرين امّا ان يكون متعلّق النيّة معصية حقيقيّة ام لا وغاية ما يدلّ عليه ادلّة حرمة نيّة المعصية وادلّة العفو عنها كما هو الظاهر لمن راجعها هى النيّة المتعلّقة بالمعصية الحقيقيّة لا النيّة المتعلّقة بما يعتقد كونه معصية فادلّة حرمة النيّة والعفو عنها لا تشمل نيّة التجرّى فإن قلت الظاهر انّ الحكم بحرمة نيّة المعصية ليس الّا من جهة كونها قبيحة والظّاهر ايضا عدم قبحها الّا من حيث كونها هتكا لحرمة المولى وقصد المخالفة فلا بدّ امّا من الحكم بالحرمة فى جميع صور التجرّى وامّا بعدمها مطلقا حتّى فى نيّة المعصية الحقيقيّة قلت ما ظهر من الدّليل الشرعى هو حرمة نيّة المعصية ولم يعلم كونها من جهة قبح التجرّى ولا وجه لدعوى الظّهور اصلا وثبوت مفسدة فى نيّة المعصية خفيّة على العقل توجب حكم الشّارع بالحرمة بمكان من الامكان فان قلت إذا كانت الحرمة مخصوصة بنيّة المعصية الحقيقيّة دون غيرها لزم اناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار فانّ مصادفة النيّة لنيّة المعصية الحقيقيّة وعدمها ليست اختياريّة قلت يعلم الجواب عن هذا ممّا تقدّم فى ردّه عند الاستدلال به لحرمة