ولو سلّم صدق الاصرار على العزم على العود ايضا وان لم يعد فاللّازم هو الاقتصار على مورده وهو الاصرار على فعل المعصية الصّادرة ولا يتعدّى الى مورد البحث وهو الاصرار على النيّة المجرّدة وقد صرّح قدسسره فى آخر كلامه بقوله وامّا العزم المجرّد فالظّاهر عدم تحقّق الإصرار بمجرّده وان اصرّ عليه لانّ هذا اصرار على العزم لا على المعصية الّا اذا قلنا انّ العزم على المعصية معصية وللكلام فيه محلّ آخر انتهى ثمّ لا يخفى انّ القول بحرمة نيّة الخلاف فى الصّوم والصّلاة لا دخل لها بحرمة نيّة المعصية فانّها فيهما من حيث قيام الدّليل على وجوب استمرار النّية واين هذا من حرمة نيّة المعصية فإن قلت كيف يمكنكم القول بحرمة النيّة المجرّدة وثبوت العقاب والمؤاخذة عليها ولو بالنّسبة الى فرقة خاصّة من حيث الجمع باحد الوجوه السّابقة مع انّ النيّة ليست الّا القصد والإرادة والعقاب انّما يصحّ على الافعال الاختياريّة اى المسبوقة بالإرادة ونفس الإرادة والقصد لا يكون اختياريّا فلا يصحّ تعلّق الحرمة بها وهل يكون العقاب عليها الّا عقابا على ما ليس بالاختيار قلت اوّلا انّ الارادة وان لم يكن وجودها بارادة أخرى للزوم التّسلسل الّا انّها ليست غير اختياريّة فانّ اختياريّتها بذاتها واذا كانت بنفسها موجبة لاختياريّة الأفعال المنبعث عنها فنفسها اولى بكونها كذلك فكما انّ موجوديّة الأشياء بالوجود وهو موجود بذاته من دون افتقار الى وجود آخر فكذلك كون الافعال اختياريّة انّما هو بالإرادة فهى اولى واقوى بكونها اختياريّة وثانيا أنّها وان لم تكن اختياريّة بمعنى كونها مسبوقا بارادة اخرى الّا انّ فيها ملاك الاختيار فانّ المصحّح للمؤاخذة والعقاب انّما هو تمكّن المكلّف من الوجود والعدم وبه يصحّ انتساب الفعل اليه وهذا التمكّن هو ملاك الاختيار ولو لم يكن عن ارادة كنفس الإرادة حيث انّ للمكلّف ان يريد الفعل او التّرك ولو لم يكن تلك الإرادة بإرادة اخرى ولا ريب فى ذلك لانّه متمكّن من فسخ عزمه اذا تامّل فيما يترتّب عليه من تبعة العقوبة والمذمّة والمفسدة ومع تمكّنه من ذلك لا بأس فى ان يكون النيّة والقصد موجبا للعقوبة لكفاية هذا المقدار من التمكّن فى ترتّبها وكونها اختياريّة وان شئت قلت إنّ الإرادة وان لم تكن بالاختيار الّا انّ بعض مباديها يكون وجوده غالبا بالاختيار فانّ المقدّمات القلبيّة واحوالها ووارداتها قبل الفعل أربعة الأوّل الخاطر ويسمّى بحديث النّفس ايضا الثّانى هيجان الرّغبة وحركة الشّهوة المتولّد من الخاطر ويسمّى بميل الطّبع وكلتا المقدّمتين خارجة عن الاختيار الثّالث حكم القلب والتّصديق بانّ هذا ينبغى ان يفعل فانّ الطّبع اذا مال تهاجمت الدّواعى والصّوارف ولا تنبعث النيّة والإرادة الّا بعد تزاحمهما ووقوع الكسر والانكسار والتّصديق بعد دفع الصّوارف وترجيح الدّواعى عليها فانّه قد يمنعه عن العزم الحياء