المقام بصيغة المفرد وقد يعبّر عنه بصيغة الجمع والظّاهر أنّ مراد من افرده هو اطلاقه الشائع فى باب الادلّة وهو الّذى عرفت ويحتمل بعيدا ارادة جنس المزيّة القائمة باحد الدليلين المتعارضين بعلاقة السببيّة ومن عبّر بلفظ الجمع فالظاهر انّ مراده هو المزايا الجزئيّة لمنافاة صيغة الجمع لارادة جنسها ولارادة اطلاقه الشائع لانّه فعل المستنبط وهو واحد لا تعدّد فيه نعم يمكن اعتبار تعدّده باعتبار تكثّر موارده فانّ كلّ تقديم فى مورد لمزيّة شخصيّة مغاير للتقديم فى مورد آخر لمزيّة اخرى قوله (وغلّب فى الاصطلاح على تنافى الدليلين) وجه التسمية انّ الدليلين المتعارضين كانّ كلّا منهما يظهر نفسه لصاحبه ويبارزه ليدفعه فيكون اطلاقه عليه من باب المجاز بعلاقة المشابهة ولا يخفى ان ليس الغرض الحصر فيهما بل لمّا كان الغالب من التعارض انّما هو فى الدليلين قيّدوه بذلك وسيجيء مفصّلا تعارض الثلاثة وازيد كما انّ الغرض من التنافى بين المدلولين اعمّ من ان يكون بالمدلول المطابقى او التضمّنى او الالتزامى الشرعى او العقلى فاذا دلّ احد الدليلين على وجوب صلاة الظهر فى يوم الجمعة ودلّ الآخر على وجوب صلاة الجمعة وعلمنا بالدّليل الشرعىّ انّ الواجب احدهما وقع التنافى بينهما بالالتزام الشرعىّ واذا دلّ احدهما على وجوب شيء دلّ على وجوب ما يتوقّف عليه بالدلالة الالتزاميّة العقليّة فاذا دلّ الآخر على عدم وجوب ذلك الامر المتوقّف عليه دلّ على عدم وجوب ذاك الشيء وحينئذ وقع التعارض بين الدليلين بالملازمة العقليّة ثمّ إنّ كلمة التنافى يغنى عن قولهم على وجه التناقض او التضادّ اذ التنافى ينحصر فيهما وليس له فرد آخر وذلك واضح قوله (ولذا ذكروا انّ التعارض تنافى مدلولى الدليلين) ما ذكره قدسسره احسن ممّا ذكروه لانّ التعارض عندهم وصف للدليلين لا لمدلوليهما نعم منشأ تعارضهما وتنافيهما انّما هو كون مدلوليهما على وجه يمتنع الجمع بينهما فيلزمه تنافى الدليلين الدالّ عليهما وتدافعهما فالتّدافع وصف قائم بالدليلين ناش عن وصف امتناع الاجتماع الحاصل فى مدلوليهما قوله (ومنه يعلم ان لا تعارض بين الاصول وما يحصّله المجتهد) لا يخفى انّ البحث والنزاع فى المقام انّما هو بعد الفراغ عن ثبوت التعارض بين الدليلين ويكون الكلام فى حكم الكبرى الّا انّه قد يقع الاشتباه فى بعض الموارد من حيث دخوله فى تلك الكبرى وعدمه ولم يتعرّضوا لتحقيق حاله فى بحث خاصّ كما تعرّضوا الخصوص مسئلة اجتماع الامر والنهى وكان المقام مناسبا لبيان ما يتوهّم من التدافع بين الاصول العمليّة ومؤدّى الادلّة الاجتهاديّة قوله (وضابط الحكومة ان يكون احد الدليلين الخ) لا يخفى انّه لا يعتبر فى الحكومة ان يكون احد الدليلين شارحا لفظيّا ومفسّرا للآخر كيف وقد تقدّم فى تعارض الاستصحابين من حكومة السّببى على المسبّبى مع انّ دليلهما واحد وسيجيء ايضا ما يظهر من المصنّف من الحكومة فى ما بين الاصول العقلائيّة مع انّ من الواضح خروجها عن عالم