ادلّة اعتبار المتعارضين ذلك اذ المفروض اشتمال كلّ منهما على شرائط الحجيّة المأخوذة فى ادلّة اعتبارهما والمزيّة القائمة باحدهما الّتى يدلّ اخبار العلاج على وجوب التّرجيح بها خارجة عن تلك الشرائط فاولويّة الأخذ بها انّما جاءت من قبل تلك الأخبار إذا عرفت هذه الوجوه فلنشر الى ما هو الاوفق منها بادلّة الاعتبار ولا يخفى انّ الوجه الثانى مع منافاته لظواهر تلك الادلّة حيث انّها ظاهرة فى الاطلاق يمنع من المصير اليه الاخبار العلاجيّة المفيدة لحجيّة احد المتعارضين فى الجملة مضافا الى قيام الاجماع عليه فلا يمكن حمل تلك الادلّة عليه والوجه الرابع وان كان مقتضى ظاهر الامر عرفا فانّه بظاهره لا يدلّ الّا على مجرّد الطلب الحتمى والتعيين والتّخيير خارجان عن مدلوله وانّما يلحقانه باعتبار خصوصيّات الموارد المقتضية لاحدهما ولا ينافى خروج التعيين والتخيير عن مدلول الامر حمله فى صورة الشّك على التعيينى بمقتضى الاطلاق الّا انّ الحمل على القدر المشترك بعيد عن ظاهر الاوامر الواردة فى تلك الادلّة اذ لو كانت ظاهرة فيه لما كان لاحد تحيّر فى حكم صورة المعارضة ولم يكن داع لتلك الاسئلة فى الاخبار العلاجيّة ولما ورد كثير منها مع عدم سبق سؤال ايضا فذلك يكشف عن اكتناف تلك الاوامر بما يوجب صرفها عن بيان حكم صورة التّعارض وامّا الوجهان الآخران وان سلما من ذلك كلّه الّا أنّه قد يشكل فى صحّة الوجه الاوّل بانّ ايراد الحكم اذا كان اباحة ورخصة لذات الشّيء من حيث هو فهو امر جائز بل واقع وامّا اذا كان من مقولة الطلب كما هو المفروض فى تلك الادلّة فلا يمكن بقائه اذا اقترن ذلك الشّيء بما يمنع عن امتثاله لكونه لغوا حينئذ فلا يكون ثابتا لذلك الشيء من حيث هو فانّ الثابت له كذلك لا بدّ من ثبوته له فى جميع حالاته فانّ الذات متحقّقة فى جميع حالاته اللّاحقة له والحكم المعلّق على موضوع يدور مدار ذلك الموضوع والإنصاف عدم الفرق بينه وبين الاباحة من تلك الجهة لجريان شبهة اللغويّة فيها ايضا اذ يقال فيها انّها لا يعقل بقائها فيما اذا اقترن الشيء بجهة الحرمة الخ ما ذكر من التقريب والّذي يحسم مادّة الاشكال هو انّ ذلك الحكم لا يمكن فعليّة فى صورة وجود المانع فانّه انّما يمنع من المحقّق فى تلك المرتبة ومن ترتيب آثار تلك المرتبة الّتى هى المؤاخذة على المخالفة اذا كان الزاميّا او عدمها اذا لم يكن وجواز التّناول فعلا اذا كان رخصة من غير فرق بين الطلب وغيره وامّا الوجه الثالث فلا بأس به وقد اختاره المصنّف قدسسره فانّه جعل كلّا من المتعارضين مشمولا لدليل الاعتبار الّا انّه قيّد امتثال الامر فى كلّ منهما بصورة عدم العمل بالآخر على تقدير اعتبارهما من باب السببيّة وجعلهما دليلا على نفى الثالث مع تساقطهما فى مؤدّاهما لاجل التّعارض بناء على اعتبارهما من باب الطريقيّة فافهم وتدبّر حتّى لا يذهب عنك الفرق بين مختاره وما اخترناه فى بيان الوجه الثّالث هذا وبقى فى المقام شيء لا بدّ من التنبيه عليه وهو انّ ما تقدّم مرارا من ان حكم الامارات المتعارضة على القول بحجيّتها من باب السببيّة هو حكم المتزاحمات فى وجوب الاخذ باحدها تخييرا ان لم يكن لواحد منها مزيّة فيه اشكال وهو انّ السببيّة تستعمل بمعنيين أحدهما السببيّة على وجه التصويب الّذى