مع عدم حجيّته فى خصوص مؤدّاه فلا ينافى الرجوع الى الاحتياط فى خصوص مؤدّاه وفيه انّ ذلك هو مقتضى الاصل الاوّلى كما مرّ والمراد بالوجه المذكور لا بدّ وان يكون مخالفا له ومن المعلوم أنّ مقتضى الاجماع والاخبار المتواترة انّما هو حجيّة احدهما فى مؤدّاه فعلا وهو مقصود المصنّف ايضا مع انّ المفروض فى مورد الوجوه الثلاثة هو صورة تكافؤ الخبرين وعدم وجود مرجّح لأحدهما شرعا ومعه لا يحتمل كون الحجيّة على تقدير ثبوتها كما هو المفروض مختصّة باحدهما بل يلازم حجيّة كلّ منهما تخييرا قوله وامّا اخبار التوقّف الدّالة على الوجه الثالث) هذا الوجه مركّب من دعويين الاولى وجوب التوقّف فى المتعارضين وعدم الالتفات بشيء منهما والثانية الاحتياط فى العمل والرجوع اليه مطلقا وتقريب الاستدلال على الاولى انّ اخبار التوقّف آمرة بالتوقّف فى مورد الشبهة وكلّ من التوقّف والشبهة عامّ فانّ التوقّف عبارة عن السّكون وعدم المضىّ والشبهة عبارة عن اشتباه الواقع وكلّ منهما يعمّ المقام فانّ عدم المضىّ معناه واحد فى مقام الفتوى والعمل والاختلاف انّما هو فى مصاديقه حيث انّ مصداقه فى مقام الفتوى تركه وفى مقام العمل ترك العمل المخالف للاحتياط وكذلك الاشتباه معناه واحد فى جميع الموارد والاختلاف فى مصاديقه حيث انّه فى الشبهات الحكميّة مسبّب عن فقد النّص او اجماله او تعارض النصّين كما فى المقام وفى الشّبهات الموضوعيّة مسبّب عن الامور الخارجيّة مع تبيّن الحكم بعنوانه الكلّى فيدلّ تلك الاخبار باطلاقها على وجوب التوقّف فى مقام الفتوى فى الشّبهات الحكميّة النّاشئة عن تعارض النصّين المبحوث عنها فى المقام وعلى الثانية أنّه اذا ثبت بمقتضى الاخبار وجوب التوقّف من حيث الفتوى ثبت وجوب الاحتياط من حيث العمل لاستلزام الاوّل الثّانى وذلك لانّ وجوب التوقّف من حيث الفتوى على تقدير ثبوته مطلق يشمل الافتاء الظّاهرى ايضا ووجوبه من حيث الحكم الظاهرى مستلزم للاحتياط من حيث العمل لكنّ الانصاف انّ الاستلزام غير بيّن بل لنا منعه لانتقاضه بالشبهة الحكميّة الّتى يرجع فيها الى البراءة العقليّة اذ من المعلوم انّ معنى الرّجوع هو عدم صحّة المؤاخذة عقلا على التكليف من دون بيان فلا مؤاخذة على ارتكاب محتمل الحرمة او ترك محتمل الوجوب مع فرض عدم قيام الحجّة عليهما ويكون الحاصل نفى العقاب بمقتضى حكم العقل وترك الاحتياط فى مقام العمل لذلك ومن المعلوم انّ نفى العقاب كذلك ليس افتاء بالاباحة شرعا لا ظاهرا ولا واقعا ولا يخالف الاحتياط من حيث الفتوى بل يوافقه فتحقّق هناك الاحتياط فى الفتوى مع عدمه من حيث العمل ولا يتوهّم انّ غاية ما هناك تحقّق الاحتياط فى الفتوى مع الرخصة فى تركه من حيث العمل والمدّعى ثبوت التّلازم بين وجوب الاحتياط فى الفتوى والاحتياط من حيث العمل لا بين تحقّقه من حيث الفتوى وتحقّقه من حيث العمل والوجه فى ذلك انّ القائل بالبراءة الاصليّة يقول بوجوب الاحتياط من حيث الفتوى مع انّه لا يقول بوجوبه من حيث العمل فتامّل والاولى ان يتمسّك باطلاق اخبار التوقّف بتقريب انّها باطلاقها تدلّ على وجوب التوقّف من حيث العمل فى مورد