(وَلا تَعْضُلُوهُنَ) لا تضيقوا عليهن وتسيئوا معاملتهن (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) لا يحل للزوج أن يسيء إلى زوجته لتفتدي نفسها منه بصداقها كلّا أو بعضا (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) والمتبادر من الفاحشة هنا : الزنا ، والمراد بالمبينة الثابتة عند الزوج بينه وبين الله لا عند القاضي (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) عرفا ، لا بالمعروف عند الزوج وأمه ، بل عند العقلاء المنصفين بحيث لا يرونه مسيئا إليها في شيء (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) إذا كره القلب عمي عن الصواب ، بخاصة عن الموازنة بين الضرر والأكثر ، فقد يطلق الرجل زوجته لبعض صفاتها ، ويتزوج بأخرى ، فإذا هي أسوأ حالا وأقبح أعمالا ، فيندم حيث لا ينفع الندم.
٢٠ ـ (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) إن كان ولا بد من الطلاق والفراق (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) مجرد مثال للكثرة (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) إلّا عن طيب نفس حتى ولو عزمتم على ترك الزواج إطلاقا ، وإنما ذكر سبحانه «الاستبدال» تنزيلا على الأغلب.
(أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً) تنسبون إليها ما هي بريئة منه لتفتدي نفسها منكم (وَإِثْماً مُبِيناً) ظلما واضحا.
٢١ ـ (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) قال الشيخ محمد عبده في معنى هذا الإفضاء : «هو إشارة إلى أن وجود كل من الزوجين جزء متمم لوجود الآخر» (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) وهو الاتصال الوثيق بين الزوجين ووجوب العمل بمقتضاه من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان.
٢٢ ـ (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) كان بعض العرب يتزوج امرأة أبيه بعد موته إذا لم تكن أما له ، فنهى سبحانه عن ذلك ، وعفا عما مضى (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) ذنبا كبيرا (وَمَقْتاً) مكروها عند العقلاء (وَساءَ سَبِيلاً) وايضا هو طريق الأرذال والأنذال. واتفقت المذاهب الإسلامية على تحريم الزواج مؤبدا بزوجات الآباء والأجداد للأب والأم بمجرد العقد حتى مع عدم الدخول ، وبالأولى الأمهات المنصوص عليها بقوله تعالى :
٢٣ ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) ثم أشار جل وعز إلى باقي المحرمات من النساء ، وهي : (وَبَناتُكُمْ) وان نزلن (وَأَخَواتُكُمْ) سواء أكنّ للأبوين أم لأحدهما (وَعَمَّاتُكُمْ) وتشمل عمات الآباء والأمهات وان علون (وَخالاتُكُمْ) تماما كالعمات (وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) وكل من تناسل منهما (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) اتفق المسلمون قولا واحدا على العمل بحديث «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» وعليه فكل امرأة حرمت من النسب تحرم مثلها بسبب الرضاع أمّا كانت أو أختا أو بنتا أو عمة أو خالة أو بنت أخ أو بنت أخت (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) تحرم أم الزوجة وإن علت بمجرد العقد على البنت ، وان لم يحصل الدخول.