هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة والمدينة طائعين قانعين مجاهدين (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) قليل بدل من واو الجماعة ، وهكذا المخلصون في كل عصر قليلون اللهم إلا بالإعلام والكلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ولو كان لمجرد الوعظ من أثر فعّال لكان الناس بالكامل أولياء قديسين. أجل الأثر الأول للوعظ والواعظين إلقاء الحجة بالإرشاد والهداية.
٦٩ ـ (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ...) طاعة الله والرسول تعود بالنفع والخير على المطيع وحده ، لأنه تعالى لا يأمر إلا بخير ولا ينهى إلا عن شر ، وفوق ذلك يرفع الله المطيع إلى عليين ، ويجعله رفيقا للنبيين والشهداء والصالحين.
٧٠ ـ (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ولا شيء يقاس بفضله.
٧١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) من قوى البغي والشر ، فإنهم لكم بالمرصاد ، واجتمعوا لهم صفا واحدا وإلا سامكم العدو خسفا ، وساقكم عنفا كالبهائم (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) فرقا وفصائل من الجنود (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) إشارة إلى النفير العام ، وتعبئة الشعب بشتى أفراده تبعا لما تستدعيه المصلحة.
٧٢ ـ (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) يتثاقل ويضع العراقيل والعقبات في طريق الجهاد و «منكم» من المواطنين (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) في ميدان القتال وجهاد الأعداء (قالَ) الأفاك الأثيم بلؤم وشماتة (قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) يفرح ويغتبط بالسلامة ، وما درى أن الشهادة كرامة يخص سبحانه بها من يشاء من أوليائه وأصفيائه.
٧٣ ـ (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) انتصرتم وغنمتم في الجهاد والقتال (لَيَقُولَنَ) الأناني الانتهازي في الجهاد والقتال (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) جملة معترضة بين العامل وهو «ليقولن» والمعمول وهو (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) وهكذا الحقود الحسود يطير فرحا إذا نزلت بالآخرين نازلة ويموت حسرة إذا رأى عليهم نعمة من الله وفضلا.
٧٤ ـ (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) وأثبتت التجارب أن الجهاد ضد البغي والقهر ، عزة وكرامة في الدنيا كما هو في الآخرة ، وإن الخضوع والاستسلام مذلة وهوان : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) ـ ٢٥١ البقرة». (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) في سبيل العقيدة والحرية (فَيُقْتَلْ)